إعداد: نجيبة عامر ومصطفى بوخالفة
على سبيل التمهيد:
تُشكِّل مقولة الاستشراق إشكالا خليقا بالدرس والنظر في قبلياته ومنطلقاته ونتائجه، خاصة أنه ذو صلةٍ وثيقة بتشكيل تصورٍ جديد إزاء نتاج الفكر العربي الإسلامي. ومما لا شكَ فيه أن الاستشراق فتح آفاقا رحبة من الاستفهامات والرُّؤى المتعلقة بالتراث العربي الإسلامي، وأسهم في إحياء هذا التراث إما بتحقيقه وتنقيحه، أو بإعادة مساءلة مسلَّماته وإشكالاته. وفي هذا السياق كان للدراسات الفيلولوجية فوائد عديدة صاحبت مهمة فحص المتن اللغوي لنص القرآن على سبيل المثال؛ فقد أقبل المستشرقون والفيلولوجيون على تنقيح ونشر المخطوطات العديدة التي طالها النسيان. كما اعتنَوا بكتب التاريخ واللغة والمعاجم. علاوة على تبحر ثلة من المستشرقين نظير “فان إيس” و”لويس ماسينيون” و”هنري كوربان” و”أسين بلاثيوس” في دراسة شتى صنوف العلوم الإسلامية كالفقه وعلم الكلام والتصوف الإسلامي، وإعادة اكتشافها وقراءة مكنونها وما تحمله من ذخائر فكرية، بشكل يؤكد وجود ثقافة وحضارة إسلامية ذات إنتاج فكري غنيٍّ وأصيل.
سنكتفي في بحثنا هذا بفحص مفهوم الاستشراق ومساءلة خلفياته. وننظر في مفهوم الفيلولوجيا وعلاقتها بفقه اللغة، ومن ثَمَّ نشير – بشكل مختصر- إلى محاولات المستشرقين في قراءة المتن القرآني فيلولوجيًّا، لنستعرض في مقال لاحق تحليلا وتفصيلا للمقاربة الفيلولوجية لنص القرآن وتاريخ المصحف.
أولا: في مفهوم الاستشراق:
مبدئيا، ينبغي الإشارة إلى صعوبة تعريف الاستشراق؛ كونه مدرسة فكرية ذات تخصصات وخصائص ودوافع وغايات وأهداف متضاربة. ذلك أن هذا الصنف من الدراسات كان وليد مسار الصراع والتنافس الطويل بين الحضارة الإسلامية الشرقية من جهة، ونظيرتها من الحضارة اليهودية – المسيحية الغربية من جهة أخرى – ، كما يُنَظّر لذلك غالبا. ونحن إذ نسُوق هذا الشكل من الاختلاف والتنافس بين الثقافتين، لا نتبنّى تصوّرا حدِّيا متناقضا بين الغرب والشرق، ونكفر بالنقاء الحضاري. بل نؤمن بامتزاج الثقافات وتطعيم بعضها بعضا، نظير تداخل الثقافة اليونانية مع الثقافة العربية الإسلامية الوسيطة، ومساهمة الثقافة العربية الإسلامية في تشكيل أولى معالم عصر النهضة الأوروبية(1).
تنبع صعوبة تعريف الاستشراق من أنه ظاهرة تجلت بأشكال متباينة على مراحل مختلفة زمنيا ومكانيا. ومن دون الاستغراق في المماحكات التعريفية، يمكننا القول: “إن الاستشراق عموما يُعنى به علم الشرق، والاهتمام بما يحتويه من علوم ومعارف وثقافات وميزات وسمات حضارية متنوعة؛ فالمستشرق هو الإنسان الذي وهب نفسه للبحث والاهتمام بما يتعلق بالشرق، وما يدور فيه من علوم ومعارف، وقيم وحضارات، في مجالات مختلفة”(2).
والاستشراق لغة هو ترجمة للمفردة الإنغليزية (Orientalism)، وعلى الرغم من أن كلمتي “orient” و”east” كليهما تدلان على معنى “الشرق”، إلا أن كلمة “east” تأتي في الغالب للدلالة على الجهة الشرقية والجانب الشرقي من كل شيء، وقد تستعمل أحيانا للدلالة على النصف الشرقي من الكرة الأرضية، بينما تطلق كلمة “orient” في الغالب على الأقطار الواقعة في الشرق من البحر الأبيض المتوسط؛ لذا شاع توظيف مصطلحي “Orientalist و”Orientalism”. وبطبيعة الحال هناك نوع من التسامح في توظيف المصطلح الأخير؛ ذلك أن اللاحقة “al” تدل على معرفة الأشياء “المتعلقة بالشرق” وليس “الناحية الشرقية من الأرض”، إلا إذا اعتبرنا أن مفهوم الشرق يُطلق على ما هو أعم من الأراضي الشرقية وجميع ما يرتبط بها(3).
نبعت بدايات الاستشراق من رغبة فطرية في استكشاف الآخر، والتعرف على ثقافته وتجاربه الوجودية. غير أن مشاعر الخوف والتوجس سرعان ما انبعثت ما إن وجد نفسه في إطار مواجهة ثقافة مشبعة بتاريخ مثقل من الصراعات السياسية ذات الصبغة اللاهوتية. في هذا السياق تداخلت رغبة البحث العلمي الجاد، مع النزوع النفسي السياسي الراغب في كبح جماح الشرق عموما والإسلام خصوصا؛ بغية إخضاعه إليه؛ لذا نرى أن الاستشراق – رغم مساهمته الكبيرة في إعادة قراءة كنوز الثقافة الإسلامية ومسح الغبار عن آثارها المطمورة – اصطبغ بصبغة أيديولوجية (فكرانية)، جعلت المسلمين والشرقيين عموما يتوجسون منه، فنجد بعضهم ” يهاجم الاستشراق كمقدمة للتشديد على فضائل هذه الثقافة الأهلية (native) أو تلك، وهؤلاء هم الأهليون (nativist)، البعض الآخر ينتقد الاستشراق في سياق الدفاع ضد الهجمات التي تطال هذا المعتقد السياسي أو ذاك، وهؤلاء هم القوميون، ولدينا أيضا فريق ينتقد الاستشراق بسبب تزييفه لطبيعة الإسلام وهؤلاء – في الإجمال – هم الأصوليون”(4).
يمكننا أن نعدَّ غايتين رئيستين لظهور الاستشراق، والاهتمام بدراسة ثقافات وحضارات الشرق عموما والإسلام خصوصا، وهي تنقسم بين غايتين جوهريتين(5):
أ- الغاية التفسيرية: وذلك عن طريق الكشف عن مقومات الحضارة الإسلامية، من حيث قدرتها على التكوين الاجتماعي والسيطرة على مسار المجتمعات الإسلامية، وصياغة رؤية فكرية متميزة.
ب- الغاية التوجيهية: وذلك بفرض التحكم في مسار الشعوب الإسلامية؛ عن طريق معرفة التناقضات القومية والطائفية والإقليمية، بحيث تكون المعرفة الناتجة عن الدراسات الاستشراقية أداة تحكمية، تُوَجِّه الأحداث، وترسم معالم الحركة المناسبة، وتُحْكِم قبضتها على الشعوب الإسلامية؛ من خلال إمساكها بمفاتيح الأسرار التي تفجِّر الأزمات في الزمان والمكان الملائمين. وهذا ما قصده إدوارد سعيد بقوله: إن “الاستشراق أسلوب غربي للسيطرة على الشرق واستبنائه وامتلاك السيادة عليه”(6).
وانطلاقا من هذه الغاية الثانية، نجد “إدوارد سعيد” يصف “الاستشراق” بناءً على خلفيَّته المعرفية والعَقَدية التي يرتكز عليها بأنه:” قراءة الشرق بمنطق سُلطوي، يؤسس للتمييز بين نمط المعرفة الغربية، التي توصف دائما بالعقلانية، وبين الثقافة الشرقية التي بَدَت بكل التقديرات الاستشراقية عنوانا لنمط التفكير الأسطوري، وأنموذجا لعقل لا يمتلك الرَّبط بين البرهان، وبين المقدمات والنتائج”(7).
ثانيا: الفيلولوجيا: المصطلح ومسار تشكُّل العلم:
تشير “الفيلولوجيا” إلى ذلك النوع من الدراسات التي تهتم بالتغيرات التي تطرأ على اللغة عبر التاريخ “ويتكون هذا المصطلح – الذي يقابل (فقه اللغة) عند الغربيين – من لفظين إغريقيين أحدهما (Philos) بمعنى: الصديق، والثاني (Logos) بمعنى: الخطبة أو الكلام؛ فكأن واضع التسمية لاحظ أن فقه اللغة يقوم على حُبِّ الكلام للتعمق في دراسته من حيث قواعدُه وأصولُه وتاريخُه”(8).
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى خلطٍ يقع فيه البعض باستعمالهم لمصطلح “فقه اللغة” كمرادف للفيلولوجيا. خلاف ذلك، فإن “الفيلولوجيا” تطورت من تكريس تركيزها البحثي على اللغة اليونانية إلى “دراسة أي لغة من اللغات من حيث قواعدها وتاريخ أدبها ونقد نصوصها، وقد يُطلق ويراد به أيضاً دراسة الحياة العقليّة ومنتجاتها على العموم في أمّة ما، أو طائفة من الأمم”(9). بينما نجد في قِبال ذلك أن “فقه اللغة” علمٌ يعتني باللغة العربية “ويهتم بقضاياها الصوتية والتركيبية والصرفية والنحوية والدلالية، ودراسة اللهجات المنتمية إليها وخصوصياتها، وما يطرأ على هذه اللغة من تغيرات عبر الزمن”(10)، نظير ما كتب “ابن فارس” (941م- 1004م) في مؤلفه: “الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها”، أو ما كتبه “ابن جنِّي“(934م- 1002م) في كتابيه: “سرُّ صناعة الإعراب” و”الخصائص”. وكلٌّ من “الفيلولوجيا” و”فقه اللغة” يختلفان عن “علم اللغة” الذي يستقي “مادته من النظر في اللغات على اختلافها، ويحاول الوصول إلى فهم الحقائق والخصائص التي تسلك اللغات جميعا في عقد واحد”(11).
إن أولى المقاربات الفيلولوجية بدأت مع” الأيام التي أعقبت سقوط القسطنطينية أي حوالي القرن الخامس عشر الميلادي، حيث كانت النصوص الإغريقية اللاتينية أوَّل النصوص التي خضعت للنقد والتمحيص، فقد أدَّى سقوط القسطنطينية بكثير من علماء بيزنطة إلى اللجوء إلى غرب أوروبا. فأدخلوا معهم طرقهم في قراءة النصوص القديمة ما دفع كثيراً من الباحثين إلى دراسة هذا الأدب على نحو كبير؛ عاملين على تكسير قيود التقليد التي جعلت سابقيهم يُسَلِّمون بكل ما خلَّفه الآباء من دون تمحيص أو تحرٍّ”(2). وفي لحظات لاحقة تفطَّن بعض اللغويين “إلى وجود علاقات تركيبية بين أفراد فصيلة من اللغات أطلقوا عليها اسم (اللغات الهندية الأوروبية) فأوضحوا الصلة فيما بينها؛ بواسطة دراسات مقارنة أطلقوا عليها اسم الفِيلُولُوجِيا المقارنة (Comparative Philogogy)، فظلّ مصطلح الفِيلُولُوجِيا مرتبطاً بمفهوم اللغات القديمة، واكتسب ظلاً جديداً بإضافة فكرة المقارنة إليه، في حين ربط آخرون بداية هذا المفهوم بدراسة النصوص السَّنسكريتيَّة القديمة”(12).
نتج عن هذا الاهتمام المتزايد بدراسة النصوص الأدبية الإغريقية واليونانية اهتمامٌ بالوثائق بوصفها الحامل الوحيد لهذه النصوص، وتمت مساءلتها للبحث عن نسبتها إلى أصحابها المفترَضِين. من هنا انتُقل إلى ممارسة النقد الفيلولوجي على الكتاب المقدس، بوصفه كتابا أدبيا، رغم جملة المحاذير والصعوبات التي تلقّاها الفيلولوجيون في مممارستهم النقدية هذه، بدعوى أنه لا يمكن للإنسان الناقص أن ينتقد كتابا كاملا (الكتاب المقدس). وكان لـ ” يوليوس فلهاوزن (1844 م – 1918 م) (Julius Wellhausen)، و” جورج جراف” (1875 م- 1955 م) (George Graf) قصب السبق في وضع الأسس الأولى لنظرية النقد العالي (نظرية الوثائق) في نقد التوراة، والنقد التوراتي هو “علم يسعى إلى تحديد طرق وصول النص إلينا، وتحديد قيمته، وفائدته الأدبية والتاريخية واللاهوتية، وتشمل نقد النص، والنقد الأدبي، والنقد التاريخي، والنقد الداخلي والنقد الخارجي(13). وقد توصَّلا من خلال منهجهما الناقد إلى “الشك في تاريخ وثائق التوراة، بل إن صفحات التوراة تعطي نموذجا كاملا للتطور الديني، أي إن الدين عند بني إسرائيل قد خضع للتطور والارتقاء، وإن عبارات تنسب فيها – أي التوراة – إلى إبراهيم تدل أنها قد كُتبت بعد موسى بألف سنة(14). هذا ما يتناقض وادعاءات الكتب الإبراهيمية حول تاريخ الظروف الحافّة بنشأة النص التوراتي في نظرهما.
تواصل النقد الفيلولوجي للنصوص الإنجيلية، خاصة في ألمانيا التي أحلَّت تياراتها الفيلولوجية أسلوب نقد “الصيغة اللغوية” للإنجيل محلّ نقد “نظرية الوثائق”، وتوصلت إلى أن الإنجيل مؤلف من وحدات مستقلة وسلسلة أحداث مرويّة شفاهاً. وتُوُصِّل إلى أنه في السنوات الثلاثين من صعود المسيح وتدوين الإنجيل الأول، تغيرت تلك الوحدات المستعملة، وأخذت صيغة الأدب الشعبي شأنها في ذلك شأن الخرافات والقصص والأساطير والأمثال، ولم يكن تكوين تلك الوحدات وحفظها تحت حكم الله، بل تحت حكم احتياجات الجماعة المسيحية؛ فعندما تواجه الجماعة مشكلة ما، كانوا يتذكرون مثلا شائعا من أمثال المسيح، أو يختلقون مثلا من عند أنفسِهم، وهذا يعني أنهم افتروا على المسيح ما لم يقله؛ ليجدوا حلا لمشكلاتهم الدينية.
هذا المسار الذي خطَّته الفيلولوجيا لنفسها لم يتوقف عند هذه النقطة، بل استمرت جملة المراجعات للمنهج الفيلولوجي، وظهر جيلٌ جديد من الفيلولوجيين الذين انتقدوا مخرجات الجيل الأول. ولن نستعرض مسار هذه المراجعات التي يضيق إشكال بحثنا عن احتوائها، لنتطرق في الجزئية القادمة إلى توظيفات هذا المنهج من قِبَل مدرسة الاستشراق ومقاربتها للنص القرآني فيلولوجيا.
ثالثا: المقاربة الفيلولوجية للقرآن:
ازدهرت في القرن التاسع عشر حركة الاستشراق بشكلٍ لافت، خاصة تلك الدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم ومصادره المفترضة. وكان للنتائج الخطيرة التي توصلت إليها الدراسات الفيلولوجية المتعلقة بالكتاب المقدس والتي نزعت عنه ثوب القداسة، أبلغ الأثر في تشكيل الوعي الحداثي بطبيعة الكتب الإبراهيمية. ورغم صعوبة توظيف المنهج الفيلولوجي في دراسة القرآن الكريم من قِبَل المستشرقين؛ نظرا لحاجة الباحث في هذا الحقل إلى التحكم في المنهج الفيلولوجي، مع الإلمام بدراسات الكتاب المقدس، والدراسات القرآنية. إلا أن الدراسات الفيلولوجية المتعلقة بالقرآن الكريم عرفت أوجَّها؛ وذلك بإسقاط النتائج التي توصلوا إليها بشأن الكتاب المقدس على القرآن الكريم، وذلك بإثبات “أن القرآن يخضع لأثر البيئة، ويتطور بتطورها، وتنعكس فيه المصالح الاجتماعية والتوجهات السياسية.
إن المنهج الفيلولوجي وتوظيفه لمقاربة تتقصى تاريخ المصحف، ينتمي إلى تاريخ طويل تعددت حلقاته حول الصراع على فهم روح الإسلام ومعناه وأصوله. وفي هذا الأفق تنزلت المحاولات الفيلولوجية الأولى لـ “نولدكه” و”وليام مير” و “جولدتسيهر” في تعاطيها مع تاريخ المصحف، للبحث عن جوهر الإسلام بوصفه نتاجا لبيئته، أو بالكشف عن علاقاته المفترضة باليهودية والمسيحية.
بناء على إشارتنا السابقة المختصرة حول علاقة الاستشراق بالدراسات القرآنية ومقاربة القرآن فيلولوجيا، فإننا نشدد على أهمية الفيلولوجيا والنقد التاريخي للنصوص والشخوص المؤسسة لمصادر ذاتنا وهويتنا العميقة، بما في ذلك نص القرآن الكريم، للمساهمة في مقاربة السؤال حول حقيقتها. خاصة أن عقبات البحث والاشتغال النقدي على هذه النصوص في العالم العربي محفوفة بالإرهاب الرمزي والسياسي للمؤسسات الرسمية. بدليل أن أي بحث يتعلق بقصة تدوين المصحف يجد أن “كل الوثائق التي يمكن أن تفيد في عمل تاريخ نقدي للنص القرآني قد دُمِّرت باستمرار من قِبَل هيجان سياسي ديني، فبدلا من محاولة تحديد أسباب ونتائج هذه الضراوة (السياسية والدينية) للسلطات الماضية التي فرضت نسخة رسمية واحدة للقرآن؛ فإن الروح الدوغمائية ترى في تصرف هؤلاء الذين وفروا على المؤمنين النتائج المشؤومة التي تنتج عن الاحتفاظ بهذه الوثائق نوعا من المرونة العقلية والطاعة النموذجية لله(15).
غير أنه لا ينبغي علينا أن نُغفل أن الدراسات الاستشراقية الفيلولوجية للقرآن الكريم اتسمت بحدّة أيديولوجية واضحة، يجب نقدها وبيان تهافتها. خاصة أن الاستشراق في مراحله الأولى دخل بوابة الفكر العربي الإسلامي تحت عباءة الاستعمار، واشتغل على القرآن بخلفية تبشيرية واضحة، تتجلى في رغبته الموهومة بكشف مصادر القرآن الكتابية حينا بالقول إنها مسيحية، وحينا بالقول إنها يهودية. فكأن المهم هو تعرية أصالة النص القرآني وفرادته وحيويته الإبداعية. وسنبسط القول في مقال لاحق عن مسار تطور الدراسات القرآنية الاستشراقية انطلاقا من المستشرقين الكلاسيكيين ووصولا إلى المراجعين الجدد؛ وذلك باستعراض أهم النظريات الفيلولوجية للقرآن، وننظر في مقدماتها ونتائجها، ونسائل حدودها الإبستيمية والفلسفية بشكل أكثر وضوحا وعمقا.
تدقيق لغوي: شعيب حبيلة.
صورة: هشام بلعقون
مراجع المقالة:
1- ينظر: الإسلام والمسيحية، إليكسي جورافسكي، مرا: محمود حمدي زقزوق، سلسة عالم المعرفة، الكويت،1996، ص 39.
2- محمود حمدي زقزوق، الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، سلسة كتاب الأمة، ط1، الكويت، 1404ه، ص 18.
3- محمد حسن زماني، مجلة دراسات استشراقية، العدد1، المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية، صيف 2014، ص 186.
4- إدوارد سعيد، تعقيبات على الإستشراق، تر: صبحي حديدي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت، 1996، ص 41.
5- محمد فاروق النبهان، الإستشراق (تعريفه، مدارسه، آثاره)، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، المملكة المغربية، 2012، ص 12.
6- إدوارد سعيد، تعقيبات على الإستشراق، مرجع سابق، ص 36.
7- إدوارد سعيد، الاستشراق (المعرفة، السلطة، الإنشاء)، تر: كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، ط2، بيروت، 1995، ص 38.
8- دراسات في فقه اللغة، صبحي الصالح، دار العلم للملايين، ط4، بيروت،1970، ص20.
9- علي وافي، علم اللغة، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط9، مصر، 2004، ص 14.
10- ينظر: محمد بن غبراهيم الحمد، فقه اللغة: مفهومه، موضوعاته، قضاياه، ص ص 18-19. كتاب منشور عبر موقع “طريق الإسلام”، رابط الكتاب: https://ar.islamway.net/book/9030/%D9%81%D9%82%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9
11- ينظر عبد الكريم الرديني، فصول في علم اللغة ، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض، 2002، ص 42.
12- يوسف الكلام، تاريخ وعقائد الكتاب المقدس بين إشكاليّة التقنين والتقديس، ط1، دار صفحات للدراسات والنشر، دمشق، 2009، ص23.
13- علم اللغة العربية (مدخل تاريخي مقارن في ضوء التراث واللغات السامية)، محمود فهمي حجازي، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، د.ط، 1985، ص265.3-
14- يوسف الكلام، تاريخ وعقائد الكتاب المقدس بين إشكاليّة التقنين والتقديس، مرجع سابق، ص 29.
15- محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص 126.