بطاقة فنية عن الكتاب:
الكتاب: حلم السلتي
الكاتب: ماريو بيدرو فارغاس يوسا
دار النشر: دار طوى
سنة النشر: 2011
عن الكاتب :
ماريو بيدرو فارغاس يوسا روائي وصحفي وسياسي بيروفي حاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 2010.
حلم السلتي هي سيرة يتناول فيها يوسا قصة الثوري الايرلندي “روجر كيسمنت” القومية، كراهية البشر، وفظاعات الرجل الابيض في أفريقيا وأمريكا اللاتينية هي محاور هذه الرواية.
عن الكتاب:
روجر كيسمنت
في قرية ساحلية صغيرة في مقاطعة دبلن ولد روجر ديفيد كاسمينت في 1 سبتمبر 1864 ، في إنجلترا عاش طفولة عادية، بعد وفاة والديه انتقل للعيش مع عائلة والده، غادر روجر كاسمينت المدرسة في سن السادسة عشرة للعمل في شركة شحن مقرها ليفربول. حياته المهنية التجارية لم تدم طويلاً بعد أن انتقل الى إفريقيا، تحديدا الكونغو، حيث عمل في الرابطة الدولية الأفريقية لهنري مورتون ستانلي عام 1884، هذه الحملات كانت واجهة للحضارة الانسانية والقيم المسيحية المسالمة، التطور. هي رحلة قضاء الرجل الأبيض على وحشية انسان افريقيا، آكل لحوم البشر، لتبدأ رحلة روجر الذي سيساهم بشكل كبير في كشف ما حدث هناك.
ثورة المطاط
مع نهايات القرن التاسع عشر ستكون إفريقيا ككل ومنطقة الأمازون جنوب أميركا مقصدا للحركات الاستعمارية والتبشيرية تحت غطاء تحسين أوضاع السكان الأصليين ونشر الدين المسيحي، لكن السبب الحقيقي كان الاستثمار فيها من أجل تطوير صناعة المطاط فقد كانت النهضة صناعية في ذروتها والطلب على المطاط في تزايد مستمر، ما حصل كان وصمة عار، لتتحول صناعة المطاط إلى جزء من تاريخ أسود وجرائم لا تغتفر بحق الانسانية.
الكونغو
سنة 1885 كانت برلين مركزا لانعقاد مؤتمرٍ تقاسمت فيه الدول الاوربية بلداناً من العالم الثالث لتصبح دولة الكونغو بموجب هذا المؤتمر ملكًا للملك ليوبولد الثاني. الكونغو التي تفوق مساحتها مساحة بلجيكا بأكثر من 80 مرة، وكان عدد سكانها عندما أُهديت الى ليوبولد الثاني يقدر بنحو 20 مليون نسمة،انخفظ العدد 10 مليون عام 1960.
أين اختفى نصف سكان الكونغو ؟
الإمبراطورية البلجيكية التي دخلت الكونغو تحت ستار نشر الحضارة والعلم واسقاط العادات الوثنية لقبائل الكونغو وعاداتهم الوحشية، هذه الأهداف النبيلة لم تكن الا غطاءً لبناء إمبراطورية من شركات المطاط.
لقد استنزفت الإمبراطورية البلجيكية الكونغو طبيعة وشعبا ولم تترك شراً من شرورها ولم تطبقه على القبائل المنكوبة لتنجح في استغلال عمالة رخيصة من العبيد: جرائم قتل وابادةٍ للقبائل الرافضة لسياسة الاستعباد. لقد نكلت بلجيكا بكل ماكان يميز حضارة وشعب الكونغو وساهمت في بقائه حتى وقتنا الحالي شعبا منكوبا بالانقسامات، العنف والفقر.
روجر كسمنت، الذي كان مشاركا في احدى البعثات، شهد ماحدث من فظائع الاستعمار والدمار الذي لحق بالكونغو وسكانها الاصلين والاساليب الوحشية التي تتم ممارستها عليهم، في نهاية البعثة كتب روجر تحقيقه في كتابٍ صار يُعرف لاحقاً ب “التقرير حول الكونغو”، ليثير ردود فعل كبيرة في لندن وصدمة حول ما تمارسه بلجيكا في حق الكونغو.
الامازون
دائما حول فكرة تزايد الطلب على المطاط وازدهار استخدامه في أهم الصناعات، هذا الازدهار خلق تنافسا بين الامبراطوريتين البريطانية والبلجيكية حول السيطرة على صناعة المطاط، هذه المرة كانت البيرو هدفا للاستغلال البريطاني. ومرة أخرى وبعد نجاح دوره في الكونغو يُكلف روجر بالذهاب الى البيرو، للتحقيق وكتابة تقارير، بعد انتشار عدة مقالات لصحفي بيروفي يحكي فيها عن جرائم هذه الشركات في حق السكان الاصلين، ليشاهد روجر مرة أخرى وبدرجة أفظع مما عاشه في الكونغو، جرائما في حق السكان الاصلين، بين الجلد والتعذيب، اغراق الأطفال كعقاب للعمال المتخلفين عن كمية المطاط الشهرية المطلوبة، المجاعات، الاغتصاب،القتل العشوائي، الدعارة وسرقة البنات ليُكنّ خادمات في بيت الرجل الأبيض ولما لا جواري أيضا.
التقرير الذي أاعده روجر “تقرير حول بوتو مايو” سيكون علامة فارقة في تاريخ شركات المطاط لتتوقف عن نشاطها في البيرو مخلفةً تاريخا من الوحشية ساهم روجر في نقله وتدوينه.
ايرلندا
كيف يمكن لما عاشه روجر في افريقيا-الكونغو- أن يقوي نزعته القومية الايرلندية حتى يصل الي مرحلة اللاعودة في عدم تقبل سلطة الامبراطورية البريطانية على ايرلندا؟ إنها أفكارعن الحرية بدأت تتبلور عن حلم السلتي، حلم استقلال ارلندا، حلم العودة الي ماضيها، لغتها الاصلية، أغانيها الفلكلورية، عن القرى البعيدة التي مازالت تتغنى بقصص ايرلندا السلتية.
فكرة روجر كانت في أن حال بلاده إيرلندا لا تختلف عن حال الكونغو، هوفقط يرى أساليبا مختلفة من الاستعمار. موقف روجر بعد سنوات قضاها في خدمة الإمبراطورية البريطانية جعله يدخل في نزاع فكري حول قوميته وفي المقابل المكانة الدبلوماسية التي منحتها له الحكومة البريطانية
بعد رحلات وصداقاتت، تبدأ رحلة تعرفه على بلده ايرلندا السلتية ليكرس كل ما يملك وكل طاقته للمطالبة باستقلال بلاده ويعلن الانضمام الى صفوف المناضلين المطالبين باستقلال ايرلندا الكامل.
أقصى درجات القومية :
يصل روجر الى درجة من الهوس بالحلم السلتي جعلته يفكر في استغلال مجريات الحرب العالمية الاولى وصراع بريطانيا مع المانيا، هذا التطرف الذي أفقده الكثير من أصدقائه الذين وجدوا أن تعامل روجر مع المانيا سيؤذي القضية السلتية.
يصر روجر على ضرورة دعم طرف قوي لثورة السلتية لضمان نجاحها وهكذا ينتقل الى ألمانيا أن ستجرى محادثات حول دعم المقاومة السلتية بالسلاح والهجوم على بريطانيا، وصل الأمر بروجر أن تفاوض مع الاسرى من أصل ايرلندي لدى المانيا في محاولة لتزويد الصفوف السلتية بمزيد من الجنود، ليعاني بسبب رفض أغلبية الاسرى له واتهامه بالخيانة لمبادئ ايرلندا. الخيانة التي رافقته في مشواره السلتي ليفقد اتزانه- تناقضات داخلية- ليبدأ في التسائل عن مدى صحة الطريق الذي اختاره.
الانشقاقات والخيانات التي حدثت في صفوف المناضلين السلتيين وموقف المانيا غير الواضح بخصوص القضية، فهي بكل الاحوال التي لم تكن لتستفيد من دعم دولة بحجم ايرلندا، كلها عوامل ستفشل الانتفاضة لتتمكن بريطانيا من قمع الحلم السلتي ليكون الاعدام هو مصير جميع المناضلين.
النهاية
يعتقل روجر كسمنت بعد عودته من المانيا لمدة ثلاثة أشهر، الخيانة العظمى هي تهمته ليُعدم بعدها وسط تدخل العديد من أصدقائه لإسقاط الحكم عليه في ظل انتشار يومياته و حياته الشخصية في حملة ممنهجة لتشويه سمعته خاصة فيما يتعلق بمسألة ميولاته الجنسية فكيف للديبلوماسي الشهير السير روجر أن يكون مثلي الجنس؟.
محورالدينكان هما آخرفي حياة روجر، فموقفه كان متغيرا من الدين وتَذبذَبت أحاسيسه بين الايمان والالحاد، وأخيرا تحوله من الكاثوليكية الي البروستاتية وتعلقه الشديد بالقس المرافق للسجن الذي قضى فيه عقوبته حتى آخر أيامه والذي كان رفيقا له يقص عليه كل الاسئلة والتناقضات التي تدور في عقله حول حياته والاشياء التي قام بيها بين الصواب والخطأ يشرح له ماكان يعتقد وما حاول أن يقدمه للحلم السلتي.
يوسا أعاد احياء شخصية منسية في التاريخ، شخصية وُصِمت بالخيانة لكنه قدمها من منظور انساني. فروجر انسان بكل حالاته وتقلباته، لقد قدم الكثير من حياته في سبيل قضايا نبيلة في الكونغو والبيرو، حلمه السلتي كان نهاية لرجل عظيم، رجل نجح في توثيق تاريخ شرور الرجل الابيض.
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي