المقال تم نشره سابقا في العدد الثاني لمجلة النقطة الزرقاء.
مارثا روزلير: وهي مصورة فوتوغرافية ونحاتة وصانعة أفلام قصيرة. كما أنها تكتب في مسائل الفنّ والثقافة. عُرفت مارثا بنشاطها السياسي والفني المترابطين معاً وبصنعها أعمالاً فنية مناهضة للحرب والعنف.
براد إيفانز: أرغب بالبدء بسؤالك حول مسألة العنف. من وجهة نظرك الخاصة، ما هو دور الفنانين في مواجهة هذه المشكلة ذات الملامح البشرية؟
مارثا روزلير: في البداية، دعني أتأكد من أننا نتفق حول معنى العنف؛ فالعنف مصطلح مرن جداً. ومع ذلك، في العادة أرى بأن مصطلح “العنف” قد أصبح مصطلحاً أكثر مادية، وذو نطاق واسع، وقد خسر ملامحه التعريفية. وعلى الرغم من عدم مقدرتنا على تعريفه، إلا أننا نحس بإمكانية تحديده عندما نراه. وأظنّ أنك ستوافقني الرأي بأننا لا نربط العُنف بشكل عام بالبشر فقط. نحن نملك مراتب معقدة ومتباينة لأفعال العنف ومن يمكن أن يمارسه وكيف يقوم بذلك. لذا دعنا نقول بأنَّ العنف هو الاستخدام المفرط للقوة، بشكل معين أو بآخر، متجاوزاً الحدود المتفق عليها، وهكذا يمكننا أن نُدرك بأن العنف يمارس حتى من قِبَلِ الحوادث الطّبيعية مثل العواصف. فالعنف إذًا هو قوة فجائية تقوم على الأرجح بكسر الأشياء أو القوانين أو الأنماط الاجتماعية.
إنَّ نظامنا نفسه يمجد نوعاً من العنف إلى درجة معينة، وهي ما يُسمى اليوم وبشكل عصري بالفوضى أو الفوضى الخلّاقة؛ فمن وجهة نظر عالمنا المعاصر، أعتقد بأن أفضل مُقاربة لتبسيط المفهوم هي التفكير بعلاقة الفوضى بالإبداع تمامًا مثل علاقة السيارات بعربات جر الأحصنة التي تُساق بالسياط. من الواضح أنَّ الرأسمالية لا يمكنها أن تُواصل البقاء من دون العنف، عنف التوسع والتغيير الذي يبتلع عدداً كبير من الأرواح في طريقه مُلقياً بمخلفاته على الطبيعة والبيئة، ومُهدماً التراث الشعبي المرتبط بالمجتمعات المستقرة، ويتم كل ذلك بمعدلات متباينة السرعة.
يَملكُ البشر، باعتبارهم من آكلي اللحوم، تاريخاً طويلاً من العنف فقط لأجل سعيهم نحوَ النًجاة. إنَّ العُنف مرتبط بكل من القانون والعدالة حين النّظر إليه في سياق المجتمعات البشرية. يفترض المجتمع بأنّ هناك اختلافات في موازين القوة ما بين الأفراد والجماعات والطّبقات، وبأن هناك استخدامات شرعية مُعيّنة لها- الكلمة نفسها تمثل دليلاً على هيكلية القوانين- بينما هناك استخدامات أُخرى غير مقبولة يتم تصنيفها على ضوء هذا بأنها عنف. يمكننا القول، عامّة، بأنه في استطاعتنا من جانب ما تحديد العنف كتعبير عن الصراع، والذي يعتبر شيئاً حتمياً في مجتمعنا وجزءاً مكوناً له. أما على الجانب الآخر، فيمكننا القول بأنه من الممكن السيطرة عليه أو(حتى ولو بشكل طموح جداً) استئصاله بالكامل.
فلو كنتَ تسألني عن كيف يواجه الفنّانون، وحتى الأشخاص العاديون من مواطنين وسكان، العنف الموجه ضدهم من قبل الآخرين، سواء من الحكومة وممثلي الحكومة، أو بصورة أكثر تقليدية، من قبل الخارجين عن القانون والمجرمين، فالإجابة هنا هي أن الفن يمكنه أن يقدم رؤية نقية ومركزة إلى حدّ ما في وجه ما يبدو كما لو أنه فوضى. يمكن للفنّ أن يفتح المجال أمام صياغات جديدة للمعلومات، حيث يمكنه أن يُسقط الشّرعية عن استعمال العنف الذي يُعتبر، وبشكل واسع، شيئاً مقبولاً، مثل مهاجمة وقتل المتظاهرين- الذين يُعتبرون هم أنفسهم تهديدًا لعنفٍ محتملٍ ضدّ النظام القائم- أو المشتبه بهم في قضايا إجرامية، أو تنفيذ حكم الإعدام ضد أشخاص متهمين بالقيام بجرائم عادية، وحتى على مستوى أوسع، احتلال دول أخرى عن طريق استخدام القوة والتلاعب، وحتى من نواح بعيدة وأقل تمركزاً حول البشر، العنف ضد الطبيعة.
أنا أكتب هذا الرّد في وقت تقوم فيه حكومتنا باستخدام القانون كتبرير لكي تقوم، وبشكل قسري، بفصل الأطفال عن آبائهم الذين يعبرون حدودنا الجنوبية من دون وثائق قانونية(1). والمثير للصدمة أن عدداً كبيراً من الناس على أتم الاستعدادٍ للإدعاء بأن هذا الفعل مبرر فقط لأنه يمارَس ضد مجموعة من الناس تم تصويرها على أنها مجموعة همجية وغير إنسانية من قبل هذا النظام الحاكم ومن قبل داعميه وصحافته المتحمسة. إنَّ هذا الشيء هو نموذج للعنف النفسي، والذي يُعتبر تصنيفا فضفاضا إلى درجة أنه يمكنه أن ينزلق ليصبح مجرد مجاز، ولكنه مثال واضح جداً عند الكلام عن استخدام السلطة أو القانون أو الرسائل الأيدلوجية في سبيل إضعاف الآخرين من أجل الوصول إلى نتائج مرغوبة؛ وبالعادة هذه النتائج هي إنشاء صورة نمطية لعدوٍّ ما أو متطفلٍ.
عادة ما تقابلُ أساليب نزع الشرعية عن الآخرين حملاتٌ منظمة لتشريع أعمال الحكومة، وعادة ما يتم هذا الشيء عن طريق التسميات (نحن ننظر إلى عوالم “الحقائق البديلة” هنا). فالمدنيين القتلى يُُسمّونَ أضراراً جانبية. لقد كانت الولايات المتحدة من أصدح الأصوات المعارضة للتعذيب-حتى تم إمساكنا ونحن نقوم به، وفي تلك اللحظة، وسيراً على الخطى الإسرائيلية، تم إعادة تسميته لـ ‘أساليب التحقيق القاسية’ أو ‘المرهقة’ أو(وهذه أكثر التسميات قبحاً) ‘أساليب تحقيق مُحسَّنة’، وقد قام واحد أو اثنين من محامي البيت الأبيض وبشكل إجباري بصياغة رأي يدَّعي بأن هذا الشيء قانوني. إنّ الجيش-يد العنف المبرر بشكل قانوني- غني وبشكل مذهل بظاهرة تسمية الأشياء بمسميات أُخرى لكي يسيطر على التقارير المنقولة وبذلك يسيطر على ردود الفعل العكسية. إنَّ أسلوب الحرب الحديث باستخدام الطائرات بدون طيار قد أدى إلى إنشاء مصطلحات فنِّية جديدة، مُصطلحات من قبيل “تحديد هدف-painting a target” أو “أزرق على أزرق (blue on blue(2” والتي تنقل معناها الحقيقي بصعوبة كبيرة للأشخاص العاديين.
إنَّ الأمثلة التي ذكرتِها تشير وبشكل واضح إلى الارتباط القوي بين حقل الجماليات وحقلي القوة والعنف. ويمكننا المجادلة في هذا الصَّدد، بأن السياسة هي ذات جانب جمالي من حيث ارتباطها بخلق صور معينة في ذهن المتلقي. بصفتك فنانة، ما الشيء المميز في هذا البناء الفكري[المبني على الجماليات والسياسية] والذي يثير انتباهك؟
امتدت مسألة السيطرة على اللغة من قبل الحرب منذ مدة طويلة إلى الصحافة العامة. فعلى سبيل المثال، في الحرب العالمية الأولى، هدّد وزير الحرب اللورد كتشنر بقتل أي صحفي يُقبَض عليه في الخطوط الأمامية. ولكن أثبتت ممارسة الرقابة على الحرب بأنها عديمة النفع مقارنة بتجنيد الناشرين والصحفيين لأجل التعاون مع الحكومة عن طريق منع نشر الأخبار السيئة ونشر الدعاية الحكومية (الأخبار المزيفة). استطاع الرئيس ويلسون الحفاظ على رقابة صارمة عن طريق لجنته الجديدة الخاصة بالمعلومات العامة وبدعم من قانون الفتنة (لسنة 1918) الذي يجرم على وجه التحديد التعبير عن الأفكار المضادة للحرب. ولكن قد أصبح العامّة اليوم أقل ثقة بالتقارير الصحفية المتعلقة بالحرب، وبات القول المأثور “إنَّ الحقيقة هي أول ضحايا الحرب” (لكاتب غير معروف)، منتشراً بشكل واسع منذ الحربين العراقية والأفغانية، على الرغم من أن القول أقدم منهما بكثير.
وهناك أيضاً ممارسة تزييف الحقائق -أخبار مزيفة بحق– (مقارنة بتضليل الحقائق الذي يحدث بشكل أكثر عفوية)، والتي تُعتبر السّيل الجارف للرسائل الموجهة والمحيرة وأحياناً غير المنطقية المنشورة من قبل ممثلي الدولة والمصمَّمة لكي تخلق الارتباك في صفوف المواطنين العُزَّل والذين ما يكونون في العادة أجانب، لأجل أغراض انتخابية أو كأساليب أخرى “لتغيير النّظام”. إنَّ الدبلوماسية هي في ذاتها نظام معقد جداً من التفاوض حول ما التسمية أو الرواية التي يجب إلبساها على الأحداث لأجل صالح العلاقات العامة، وهي تُدار من قبل جماعات صغيرة من ذوي التدريب العالي؛ إنَّ تزييف الحقائق هو سلاح مشهور في وجه جميع الناس من دون موافقتهم. كل من الولايات المتحدة وروسيا استخدموا هذه التقنية حتى قبل الحرب الباردة.
في مقدمة شريط الفيديو الخاص بي Vital Statistics of a Citizen, Simply Obtained المنشور سنة 1977 بصوت مسموع خلف الشاشة السوداء، أحاول التمييز ما بين جرائم القتل الجماعية والجرائم “العادية” من وسم الناس- النساء بالخصوص، ولكن أيضاً الأجانب اللأوربيين- بـ “لا يرقون للمستوى.” لقد كان الهدف من هذا التعليق الصوتي هو الإشارة إلى أنَّ العنف له أطياف وأنواع كثيرة، لكن جزء صغير منه فقط يعتبر عنفاً بشكل صريح.
أنا مهتم هنا بأهمية التشديد على إمكانات الفن كفعل مقاومة (كما فعلتي باستمرار في أعمالك) في وجه مثلث الظلم ما بين الأنظمة الفكرية، والجماليات، والمواطنين المتأثرين بذلك. ماذا يمكننا أن نستفيد من التواريخ البديلة من ناحية إعادة التَّفكير بالاحتمالات المختلفة لأشكال المقاومة التي يمكن إحياءها؟
إنَّ محاربة المظاهرات الشعبية، والحركات الاجتماعية، ومختلف أشكال الانتفاضات بناءاً على دعاوى الخوف من العنف فقط يتركنا محتارين ومرتبكين وهي بالتأكيد تُعارض “التاريخ”- لأن هؤلاء المعارضين، ونتيجة لقصر نظرهم، يفترضون بأنَّه يمكن تصور جميع الصراعات البشرية من زاوية انفجار العنف الذي يحدث في الحياة الاجتماعية الطبيعية. وأنا هُنا أتجاهل العنف الديني الممارس ضد الشخص نفسه أو عن طريق التضحية بالآخرين، والذي يهدف لتلبية الأوامر الإلهية. وأنا أتجاهل أيضًا استخدام التعذيب ضد المساجين أو التضحية بالبشر كتعبير عن الترابط الاجتماعي، وحتى ما كان يستخدمه التشريع الروماني وما بعده من استخدام للتعذيب على الشهود أو المتهم لأجل إثبات مصداقية الشهادات والاعترافات المستخرجة من العبيد أو المواطنين الذين لا يملكون نسباً نبيلاً. لقد كانت الانتفاضات، والعصيانات، والتمردات، والثورات، بالإضافة إلى الغزوات والحروب، نُقطة بارزة في التاريخ البشري، وغالباً ما شارك الفنانين سياسياً -حتى لو لم يتم توظيفهم أو أمرهم من قبل الحكام والملوك- بشكل يفوق مجرد إبداءٍ للرّأي. إنَّ أساليب التأريخ التصويرية مثل “الرسومات الكلاسيكية” والتاريخ العريق لتقاليد الرسم تستخدم كلٌّ من الأساليب التقليدية والمحتوى السردي لتعظيم حوادث عنف معينة وشجب أخرى. ومثال واحد على ذلك هو الرسام جاك لوي دافيد المعروف بلوحاته الداعمة للثورة الفرنسية(ولنابليون فيما بعد)؛ لقد شاهدتُ مؤخراً رسمته عن إعدام الملكة المخلوعة ماري أنطوانيت في عربتها أثناء اقتيادها إلى المقصلة.
والسؤال الأقرب لنا هو سواءً كان على الفنانين خلال الثورة الأمريكية (الأبكر قليلاً من الفرنسية) أن يدينوا استخدام الثوار للعنف أم لا؟ تبدو مثل هذه الأسئلة تافهة إن لم تكن طفولية في ظل الأحداث العالمية. لقد اتخذ الشعراء والرسامون خياراً سياسياً بدعم الحرب فمثلا خسر اللورد بايرون حياته في حرب اليونان لأجل الاستقلال من العثمانيين، أما فنانو الحركة المستقبلية الإيطالية الذين بجلوا العنف أو ببساطة صدمتهم الحياة المعاصرة، انظموا للجيش الإيطالي في الحرب العالمية الأولى، وقد فقد العديد منهم أرواحهم في ساحة المعركة. فمن المشهور أن مارينيتي(3) قد أصبح فاشياً متحمساً، وقد بجل الكثير من الفاشيين الجوانب الجمالية للحرب. وعلى نقيض ذلك، كما يمكننا أن نرى من أفعال الحكومات ضد مقاومي الحرب(الرافضين، والمنشقين عن الخدمة، والمعارضين) في عدة بلدان، حيث يمكن اعتبار مجرد الكلام ضد الحرب سبباً كافي لاتخاذ إجراء قانوني وعادة ما تصاحبه دعوة بتهمة تحريض الآخرين على المقاومة.
حدث وأن تمَّ اعتقال وسجن أولئك الذين رفضوا المشاركة في التجنيد الإلزامي في مختلف الأوقات في الولايات المتحدة؛ ومثال واضح على ذلك هو الزعيم الاشتراكي يوجين فيكتور دبس الذي سُجن لترويجه للمقاومة خلال الحرب العالمية الأولى. وعلى أي حال، لم تكن الحركة السِّلمية مدعومة بقوة من قِبل الجماهير أثناء الحرب العالمية الثانية، وجزء من ذلك يعود إلى التهديد العالمي الذي يشكله هتلر ودول المحور. ولكن الآن، وبالخصوص بعد محاكمات نورنبرغ في نهاية الحرب العالمية الثانية، هناك رأي يكاد يكون مطلقاً حتى ضمن أفراد القوات المسلحة برفض القيام بأمر غير قانوني.
عند النظر إلى سلسلة أعمالك القوية المُعنونة بـ جماليات المنزل: جلب الحرب للبيت House beautiful: Bringing the War Home، والتي توفر نقداً أكثر شخصية وحميمية لصورة الحرب، كيف ترين رنين هذه الأعمال التي تنقل المعاناة بشكل مباشر وقوي في عالم يبدو محكوماً بمنظار إعلامي؟
أفهم من استخدامك لكلمة “شخصي” هنا بأنَّك تعني أعمال تركز على الأفراد لا على الجماعات. إنَّ تركيبات الصور التي تشير إليها يمكن تصنيفها كصور شائعة أو مناظر موجودة في الحياة العادية، ولكن أن تسأل كيف يرِّن صداها في عالم محكوم بمنظار إعلامي فيجب علي تذكيرك بأنَّ هذا وصف دقيق للعالم في الفترة التي ولدت فيها هذه الأعمال. فبحلول ستينيات القرن الماضي، بدأت المجتمعات المتقدمة من ناحية الاقتصاد الصِّناعي مثل مجتمعنا بالفعل بدخول بيئة من صنع الإنسان والتي يمكن وصفها بالعرض الجماعي(4)، وقد شجب عدد كبير من المراقبين أغلبهم أوربيين قبل وبعد ظهور مسألة العرض الجماعي -ومن الأمثلة المعروفة هم، سيجفريد كراكاوير في الثلاثينيات، أدورنو وهوركهايمر في الأربعينيات، هربرت موريس وغاي ديبورد في الستينيات- وتكرر هذا الشجب في عدة مناسبات منذ ذلك الوقت.
أرغب بأن ألفت الانتباه لاستخدامك لكلمة “قوة” بالإشارة لهذه الأعمال؛ قام البعض بوصفهم بالعنيفة، بالإضافة لبعض الأعمال التي قمتُ بها مثل المقطع الساخر “رمزية المطبخ” Semiotics of the Kitchen. وذلك شيء يتطلب درجة عالية من القذف (على الرغم من أني أسلم في حالة الفيديو بأنَّ هناك قدر من التلميح نحو انفجار العنف المكبوت في غياب متلقي معين لهذا العنف). ولكن ليس هناك أي تصوير لأعمال العنف في هذه الصور المركبة، وأنت لم تلمح لشيء من هذا القبيل. إنَّ هذه الأعمال تستحضر فكرة العنف في المُشاهد كسبيل للدعوة ضد الحرب والقمع ولكنها ما تزال ترفض أن تعيد إنتاجه. وسأقول بأنَّ نفس الشيء ينطبق على فيديو قضية بسيطة للتعذيب، أو كيف تنام في الليل A Simple Case for Torture, or How to Sleep at Night، والذي لا يحوي أي مشهد للتعذيب الجسدي ولكنه يحوي كمية كبيرة من المعلومات -الكثير من المعلومات لاستيعابها مرة واحدة- حول العنف الحكومي سواء المجاز قانونياً أو السِّري.
لقد لفتِّ الانتباه هنا نحو مسألة مهمة جداً والتي تتناول الفرق ما بين العنف (الجسدي المباشر أو النفسي) وقوة النَّقد، والتي تصَّور فيما بعد كما لو أنها عنف لأنها تُهين أحاسيس جماعة عقائدية ما، وفي مثل هذه الحالات عادة ما تُنطقُ الحقيقة في وجه من يستخدمون العنف لكي يفرضوا هيكلية علاقات القوة. أنا مأخوذ جداً بفكرة أنَّ واجب الفن بالتحديد هو بأن يواجِه ما يبدو أنه لا يطاق، ولكنه يفعل ذلك بطريقة ترفض أن تعيد إنتاج منطق العنف. هل تظنين بأنَّ هذا هو الشيء الذي يجب على الفن أن يسمو نحوه؟
لن أحاول البدء باقتراح ما يجب على الفن أن يسمو إليه، ولكن أعتقد بأنك قد وصفت نيتي باستخدام فني للتصدي للظلم ولكشف العنف المتأصل فيه، إذا صح التعبير، من دون استخدام أساليبه، ولكن أيضاً لتبيين أن هذه المسألة التي نتناولها كمشكلة من المحتمل أن يوجد لها حل في متناول البشر. وبعبارة أخرى، محاولة تأطير بإطار العقلانية تلك المسائل التي تم عولمتها، وشيطنتها، وحصرها بجنسية معينة ورسمها كعصية على الحل، ومن دون لفت الانتباه لها، ولكن من دون أن أتبع منهاجاً معيناً. أنا أريد أن أؤسس مجالاً دائماً للتفكر، حتى لو كان فقط بعد مواجهة الشخص للعمل الفني. ولا ينطبق هذا الشيء على نشاطاتي السياسية، حيث أكون أقل حذراً إذا تطلب الأمر. إنشاء الشعارات ومناشدة العواطف لها مواقعها المحددة. على أي حال، من الجدير بالذكر أني تصورت عملي “جماليات المنزل” الذي ناقشناه آنفاً بشكل مباشر كدعاية مضادة للحرب، حيث ليس لعملي علاقة بإعادة تدوير مشاهد العنف.
جانب آخر من أعمالكِ هو الإشارة للامساواة الاجتماعية والهيكلية. من وجهة نظر الفن، كيف يمكننا أن نميز هذه اللامساواة كشكل من أشكال العنف؟ ولماذا أحسستي بأن عليكِ تدمير هذه القوالب النمطية التي تم رسمها على أشخاص يعيشون على هامش الوجود؟
حتى لو أدرك الناس العنف المتأصل الذي يفرضه الفقر والعجز على الآخرين، إلّا أنّ هذا الإدراك قد لا يكون في مقدمة تقديراتهم حول الاقتصاد واللامساواة الاجتماعية. إنَّ دفقاً منتظماً من الرسائل الإيدلوجية يشوش طبيعة ومصادر ونطاق المساواة. تتضمن هذه الرسائل سيلا جارفا من الصور المختزلة وغير المنطقية والمشيطنة للناس الذين أغلبهم من المهمشين لا في الحياة ككل ولكن في الحياة العادية للطبقة الوسطى، وهذا الأمر يشمل الفئة العظمى: النّساء! لقد تم جعل هذه الصّور النمطية “طبيعية”، وغُرزت في نسيج حياتنا الاعتيادية كملاحظات بسيطة ومنطقية. إنَّ هذا التصور الاقصائي، والتبريري، وغير المدروس يشير إلى ما أصبح يُعرف مؤخراً بالتحيُّز الضمني والذي لا يمكن فصله عن العنف المتأصل في هيكلية المجتمع. من المهم تسليط الضوء على تفكيك هذه التصورات.
إنَّ تأسيس المنظومة الشعورية للمجتمع تعتمد، كما يقال، على مسلَّمات ذلك المجتمع، والتي تسبب العنف وبشكل متكرر لحياة ووعي الآخرين. توفر أزمة الهيروين\الأفيون مثالاً صارخاً على هذه الحالة والتي لاحظناها بأعيننا: عندما كان أغلب المشاركين والمعانين من مشكلة المخدرات(الهيروين والحشيش) هم من سكان المناطق الفقيرة من الملونين وكانت “الأخرنة”(5) الشرسة رأيا منتشراً حول هذه الجماعات. لقد تم إلقاء اللَّوم على الضحايا بسبب إظهارهم قصوراً من الناحية الأخلاقية، والشخصية، والاستقامة؛ مالكين ميولات إجرامية واضحة سواءً كانت متعلمة أو موروثة، وبإن هذه الميول تشكل أسس العوائل الفقيرة. لقد أشفق الليبراليون عليهم والتقط مصورو الوثائقيات لحظات ألمهم وهربوا، وجادل فاعلو الخير لأجلهم، وأدانهم السياسيون. وبمجرد أن بدأت أزمة إدمان المخدرات (الهيروين والمخدرات الأفيونية في الغالب) في التأثير على الجماعات البيضاء في المدن الصغيرة والنائية، اختفى الشجب ليحل محله التذمر الشديد من قبل السياسيين المحليين للحصول على المساعدة من دون إلقاء اللوم وتوفير العلاج من دون السِّياسات القاسية وعديمة الرحمة المتضمنة للسجن لمدة طويلة والذي يصاحبه بالعادة خسارة الحق في الانتخاب، الأمر الذي كان مرتبطاً “بالحرب” على المخدرات في السابق.
بصفتكِ مهتمة بقضية تشييء المرأة ومحاولة جعل أشكال العنف التي تحدث يومياً نتيجة ذلك شيء طبيعي، ماذا كانت أرائك حول حركة (6)#MeToo, والتي انتقلت سريعاً من هوليوود إلى الفن بصورة عامة.
لطالما كنت مهتمة عندما تُسلِّط المشاكل المرتبطة ببيئة عمل معين ضوءاً ساطعاً على العنف الممنهج المبني داخل نظامنا. أو لكي أصيغها بشكل أخر، عندما يُلقى بالامتيازات الذكورية في بقعة الضوء ويتم تصنيفها كأفعال إجرامية وغير أخلاقية ومستهجنة تستحق العقوبة. وهكذا، تلك الامتيازات التي تتركز بالغالب حول أجساد النِّساء الشّابات، والمعروفة والمعترف بها بشكل ضمني من قبل الجميع ولكن في نفس الوقت يتم نفيها وتفريدها (وأعني بذلك أن يلقى اللوم على الصفات الشخصية للفرد أو لسلوكيات متوحشة). وهكذا تقول نساء لسن بمشهورات، ولسن بمديرات تنفيذيات، ولسن نساء ذات مهنة مرموقة، ولكنهن موظفات في قطاع عمل آخر بالكامل: “أنا أيضاً_Me too” وفي الواقع، فإن هؤلاء النساء -اللواتي تشكل النساء الملونات الغالبية العظمى منهن- أكثر من نساء الطبقة الوسطى للعاملات في هوليوود. وقد قلن “أنا أيضاً_Me too” أولاً, تحت مبادرة تارانا بورك(7) كما عرفنا بعدما انطلقت حركة #MeToo الشهيرة.
لفتت الممثلات الانتباه عن طريق الشكاوى المتواصلة التي أسرت انتباه الجماهير (وذلك نتيجة حصول شخص معترِفٍ بقيامه بالتحرش الجنسي على مقعد الرئاسة، ذلك وبالاضافة لكونه ضيف بذيئ ودائم في البرامج الحوارية ومقدم برنامج واقعي. بينما فشلت تهم مشابهة من العنف المستمر ومنذ مدة طويلة ضد المشاهير الذكور في أن تربح في المحكمة لصالح المشتكين وحتى في بعض الأحيان فشلت بتوجيه الاتهام). ولكن ساعدت هذه الحركة على تضخيم أصوات جماعات أخرى من النساء-النساء الفقيرات، النساء الملونات، النساء المهاجرات أو ممن لا يملكن أوراقاً رسمية، عاملات الفنادق، عاملات المزارع والنادلات، وجميعهن لا يحصلن على انتباه كبير أو تعاطف لقاء قصصهن حول الاعتداءات الجنسية اللواتي يمررن بها للحفاظ على وظائفهن.
هذه الأعمال الخاصة بالطبقة العاملة تكون في الغالب في القطاع الخاص حيث لا يُجبر الناس على توقيع اتفاقية عدم إفصاح، لأنه لا توجد خطورة على أرباب العمل في ما يخص سياسة الطرد متى ما أراد. إنَّ الرسالة واضحة: هناك عواقب جنسية أو مرتبطة بالنوع الاجتماعي(8) للنساء اللواتي يغامرن بالدخول إلى عالم القوة العاملة خارج منازلهم. وتابع الفن مسيرة هوليوود، وعلى وجه الخصوص، رابطة المسرح والفلم الأنجلو أمريكي، حيث تمَّ اتهام عدة رجال مهمين في المسرح والرقص والراديو والتلفاز باعتداءات جنسية وتم طردهم مباشرة. ما زال من المبكر تقييم مدى مصداقية هذا الطرد. لكن الأكاديمية، على أي حال، بما فيها أقسام الفن، لم تحذو حذوَ الفن أو هوليوود.
كلنا مرَّ حول مسألة “أنا أيضاً Me too” عدة مرات في الماضي: فبالنظر للولايات المتحدة فقط، لقد كان هناك رد فعل منظم من قبل النظام الأبوي واليميني في الثمانينات ضد حروب تحرير النساء والمثليين، مهاجمين حقوق الإجهاض والهوية الاجتماعية (مثيرين هلعاً حول الجنس)، والذي قوبل بموجات صد منظمة. واستمرّت الهجمات المتمثلة بمحاولة تصوير المرشح الرئاسي بيل كلنتون على أنه مرتكب جرائم جنسية ومناصر “لقيم الستينات” (المتساهلة والمتحررة المتضمنة تقبل حقوق المثليين) خلال التسعينات، وهي سردية استمرت حتى أدت أخيراً إلى عزله من منصب رئيس الوزراء بناءً على تهم جنسية. استمرت النساء بالمقاومة، ولكن منذ فترة الثمانينات ركزت حركات النساء عامة على مساعدة النساء العاملات واللواتي ينتمين للطبقة الوسطى- فكر بمسألة “ارتداء القوة(9)” و”كسر الجدار الزجاجي[للجيش والشركات]”- ومقللة الاهتمام بالدفاع عن النساء الفقيرات والأمهات العاملات.
على الرغم من أن اليمين السياسي كان غالباً يقاد من قبل معتدين جنسيين, وآثمين, وزناة, والكثير من الأشياء الأخرى, ألا أنه استمر باستخدام الغضب الجماهيري حول الهوية والسلوكيات الجنسية كأسلحة لتنظيم صفوفهم. وأخيراً فقد استقروا على السياسات المعادية للإجهاض كمحركهم الرئيسي بعد أن تقبل المصوتين اليافعين للمسائل المتمركزة حول النوع الاجتماعي, خصوصاً زواج المثليين وهويات LGBTQI [السحاقيات والمثليين وثنائي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً والكوير الغريبين وثنائي الجنس]. والآن, نتيجة استمرار الهجوم على أجساد النساء من قبل رماح الحزب اليميني, على الأرجح سيتم إسقاط قضية روي ضد ويد(10) من قبل المحكمة العليا. لا نعرف ماذا سيحدث لاحقاً, سوى أنه من جديد ستعاني النساء الفقيرات كثيراً.
أما الآن، فعلينا أن نتساءل من جديد، وربما بنوع من الملل، هل ستكون هذه المرَّة مختلفة؟ هل سيكون هناك تغيير كبير في العلاقات ما بين الأدوار الاجتماعية؟ وهل ستكون هناك نهاية للمضايقات والاعتداءات الجنسية؟ وإجابتي هي أنَّ هناك عدداً كبيراً من الأشخاص المتحفزين في فئة عمرية معينة ونطلق عليهم “جيل الألفية” والذين يريدون أن يروا التغيير بشكل فوري وهذا شيء حسن: إنَّ حركات النساء، مثل أغلب الحركات، مسكونة بالغالب من قبل النساء الشابات، وهذه الحركة تتوسع كلما شارك فيها النساء الملونات والمتحولات جنسياً. والآن، فإنَّه من الواضح بأنَّ مسائل الاعتداء الجنسي ومشاكل بيئة العمل قد أصبحت معروفة بشكل واسع، وذلك نتيجة انتشار كلّ من الثقافة الصناعية والخدمات الصناعية، على الرغم من أنني أتوقع أن تستمر نساء الطبقة الوسطى بالحصول على مرتبات أعلى من نساء الطبقة العاملة.
قبل أن نبتهج، علينا أن نتذكر نمو نوع آخر من ردود الفعل والذي يردد أصداء النِّظام الأبوي الإنجيلي ولكنه مرتبط بالمسائل العرقية والسياسية لكونه يقترض الكثير من الحركات اليمينية والنازية الجديدة والمفكرين الاجتماعيين الرجعيين وما شابه ذلك. وتتمركز هذه الحركة المكونة من الشباب البيض في الانترنت في الغالب، ولكن في كثير من الأحيان هم يتوجهون إلى العالم الحقيقي، وقد استهدفت هذه الحركة غالباً النساء الشابات في العالم الافتراضي أيضاً (أنظر “Gamergate (11)” لاستكشاف واحدة من انفجارات العنف التي حدثت في بواكر الانترنت). تطالب هذه المجموعة من الشبان الغاضبين بأن تعترف النساء بحقهم في العلاقة الجنسية، ويطلقون على أنفسهم لقب حركة “الأنسيل(12)”، متبنين لأنفسهم لقب “عزاب بشكل غير طوعي” والذين ينشرون أرائهم التحريضية في منصة التواصل الاجتماعي التابعة لحركة النازية الجديدة غاب Gab بالإضافة لموقع ريديت Reddit ومواقع القناة الرابعة 4chan والثامنة8chan والمواقع التي تقع في الأطراف المظلمة والقاحلة للانترنت.
هذه السنة الثانية منذ فوز دونالد ترامب بالانتخابات. ما هي الصفة المميزة في حكمه والتي كانت وما زالت تخلط وبشكل واضح ما بين الحقيقة والزيف. ما الدور الذي يلعبه الفن اليوم في هذه الخلفية العبثية وفي نفس الوقت الخطيرة؟
إنَّ الرجل كما يمكن أن يقال قد انتُخب. لقد كان دوماً كاذباً ومُتنمراً ومتبجحاً. يبدو أنَّ العديد من المصوتين قد أعطوا شخصيته التي صقلتها الشهرة صك إعفاءٍ من قول الحقيقة. في الأداء الفني لا يحكم على الأصالة بناءً على قيم الحقيقة بل بناءً على طرق “الإقناع”: كيف يناسب دوراً معروفاً -مستبد وطاغية ذكورية وللمفارقة فهو مهدد بالخطر- كما هو نفسه قال ذلك. لقد أثبت شخص من هذا النوع، شخص ذو شخصية أخلاقية متدنية، رجل مخادع ورجل أعمال غير شريف، بأنه قادر على تأدية هذا الدور بشكل يفوق الأصالة. إنَّ هذه العملية لا تخضع للمنطقية: يميل الديمقراطيون للمنطقية بتوجهاتهم النيوليبرالية والتكنوقراطية الحديثة؛ أما الجمهوريين فلا يفعلون ذلك. يخاف الديمقراطيون أن يُغذوا التوجهات الشعبوية(13)، أما الجمهوريين فلا يخافون ذلك، إذ يُدرك الحزب الجمهوري أهمية البذخ على سياسييهم والمتبرعين لهم عن طريق سياسات مدعومة بتوجهات حزب الشاي(14). ولكن علي أن أشير إلى المساعدة القوية التي وفرتها صناعة الثقافة العامة في إظهار وتعزيز شعبية هذا النمط من الشخصيات، والذي يتضمن في وقتنا المعاصر شخصيات مثل رونالد ريفن، وجيسي فنتورا، وأرنولد شوارزنيجر(من دون ذكر أولئك المرشحين الذي ظهروا بشكل عنصري علني خلال القرن العشرين)، وجميع الرجال الذين رشحوا أنفسهم بصورة السلطوي الشعبوي الذكوري قبل دونالد ترامب.
لقد قدم رئيسنا الكارثي الضعفاء ككبش فداء، وضايقهم، وتنمر عليهم، وقلل من شأنهم- كل ذلك كأسلوب لصرف النظر عن هجماته الحارقة على السياسة في عدة جوانب. لقد قضى هؤلاء الذين يحكم الرئيس لصالحهم عقوداً يمارسون الاستيلاء على المنافع العامة مدمرين حتى فكرة المجتمع. لقد بنوا منظمات مبنية منذ جذورها على قواعد فظاظة، والاستياء، والعنصرية، والغضب؛ لقد اشتروا وملكوا أكاديميات ومراكز فكرية في سبيل تمرير قوانين رجعية وأجندات قضائية، واخترعوا أساليب لمنع بعض الفئات من التصويت، وخلقوا أساطير عنصرية وقوانين مضادة للمرأة ومجتمع الميم LGBTQI, ونشروا فكرة إنكار العلم. مثل أي جمهوري منذ ريغن، يُرشح ترامب نفسه كمعارض للحكومة الفدرالية نفسها، بناءً على الوعود بإعاقة تمددها وفي نفس الوقت الوفاء بوعوده المبالغ بها لأتباعه بطريقة ما.
وبينما تستمر فوضى الانتخابات، لا نملك خياراً سوى أن نكون هناك، أن نُظهر أنفسنا بشكل دائم، بأي طريق ممكنة. إنَّ المسيرات، والمظاهرات، والاحتجاجات جميعاً طرق قوية وضرورية جداً كما تظهر استطلاعات الرأي. لكننا بحاجة إلى تنظيم حراك ما لكي نُديم الحماس الشعبي، ليس فقط كمقاومة أو رفض، ولكن كمحركٍ دائمٍ للتغيير السياسي.
لذا دعونا نستمر بالتَّظاهر وبكشف القصص الخرافية والكذبات اللازمة لإبقاء هذه الخديعة الواقعة علينا متى ما وجدنا أذناً تسمعنا. إنَّ الفن لا يغير المجتمع، ولكن يمكنه أن يصوغ ويوضح الأفكار في سياق الحركات المدنية، إنه وليد رحم المُقاومة.
(1) في 2018 أصدر الرئيس الأمريكي أمراً باعتماد سياسية “عدم التساهل المطلقة” ضد المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك. إحدى هذه السياسات كانت فصل الأطفال عن عوائلهم وكان الهدف من هذا الفعل هو تخويف العوائل المهاجرة وحضهم على عدم محاولة الهجرة إلى الولايات المتحدة.
(2) يُشير تحديد الهدف إلى عملية تعليم مكان معين بعلامة حرارية لكي يتم بعد ذلك قصفها من قبل صاروخ أو طائرة. إنَّ هذا النظام شديد الدقة لأنه يعتمد على تقنية الليزر، ولكن تصاحبه العديد من المشاكل مثل ماهية الشخص الذي يعلم الهدف وما مدى خبرته؟ هل هو عميل ميداني، أم مجرد شخص يجلس في مكتبه ويحدد الأهداف عن طريق الـGPS؟ وما دقة تحديده؟ ومن يضمن بأنَّ الهدف أو المجرم المعني سيبقى في هذا المكان إلى حين وصول الصاروخ ولن يكون هناك أبرياء في هذه المنطقة المحددة؟
أما الأزرق على الأزرق فيشير إلى قتل الجنود على يد حلفائهم، وهذا يحدث كثيراً في الحرب نتيجة سوء التنسيق أو عدم وجوده أصلاً بين القطاعات العسكرية، مما يجعلها تشتبك مع بعضها البعض من دون علمها.
(3)فيليبو توماسو مارينيتي هو شاعر إيطالي ومؤسس الحركة المستقبلية الفنية وكان قد كتب البيان المؤسس للحركة الفنية المعروفة “بالمستقبلية” وكان كذلك ناشطاً سياسياً قوياً في الحزب الفاشي وشارك في كتابة بيان الفاشية الإيطالية.
(4) mass spectacle العرض الجماعي: وهو مصطلح يشير إلى انتشار ثقافة الإعلانات والتلفاز والثقافة التي يمكن إعادة إنتاجها بكميات كبيرة بصورة عامة وغيرها حيث أصبح الشخص جزءاً لا يتجزأ منها فهو ينتج عروضاً وأفلام مبنية على حياته وفي نفس الوقت يحاول أن يعيش في عالم مشابه لهذه الأفلام والعروض. فالجمهور لم يعد مجرد صانع للمحتوى بل إنَّ هذا المحتوى بدوره يعيد صناعة المجتمع البشري وهكذا دواليك.
(5)الأخرنة: هي عميلة وضع حد فاصل بيننا وبين الآخرين، ثم جعلهم أقل إنسانية فقط لأنهم يقعون على الجانب الآخر من الخط. تأتي الأخرنة بأشكال عدة مثل العنصرية العرقية والدينية والطبقية والمذهبية والوطنية أو أي شكل آخر حيث تقتنع جماعتنا أنها أفضل منهم “هم”.
(6) حركة حصلت في سنة 2017 من قبل الممثلات والعاملات في هوليوود ضد العنف والتحرش الجنسي في صناعة الأفلام من قبل المنتجين والمتنفذين. سرعان ما انتشرت هذه الحركة في جميع أنحاء البلاد لمواجهة التحرش والاعتداءات الجنسية.
(7) ناشطة مدنية بدأت حركة أنا أيضاً METOO سنة 2006 لمواجهة التحيزات والاعتداءات الجنسية ولكنها لم تحظى بالانتباه الذي تستحقه حتى سنة 2017 حيث أصبحت هذه الحركة شهيرة بفضل ممثلات هوليوود.
(8) gender النوع الاجتماعية: وهو الجنس أو الهوية أو النوع أو الدور الاجتماعي الذي يختاره الشخص لنفسه. مثل أن يختار شخص ولد بأعضاء تناسلية ذكرية ويقرر أن يعيش حياته كذكر فيكون نوعه الاجتماعية ذكر، ولكن يمكنه أن يختار أن يعيش كأنثى فيكون نوعه الاجتماعي أنثى. النوع الاجتماعي مسألة شخصية تعود للشخص وليست متعلقة بالجينات. وتشير الفنانة إلى المشاكل التي تدور حول الأدوار الاجتماعية وتعني بها الكاتبة تسلط جنس الذكور وعنفهم تجاه نوع الإناث أو أي نوع أخر.
(9) ارتداء القوة وهو ستايل أو موضة انتشرت في الثمانيات وتركز حول تصميم ملابس نسائية شبيهة بملابس الرجال من البذلات وغيرها لإعطاء منظر حازم ومهني للمرأة وتبيين بأنها أيضاً تقوم بنفس الأعمال التي يقوم بها أي رجل.
(10) Roe v. Wade قضية محورية في تاريخ الولايات المتحدة حيث حكمت المحكمة العليا بشرعية إجهاض المرأة.
(11) Gamergate لقد ظهرت هذه الحادثة في 2014 حيث تم مضايقة بعض مطورات الألعاب ومناصرات حقوق المرأة على الانترنت بشكل مكثف جدا، وتم تهديدهن بالقتل والاغتصاب وغيرها الكثير.
(12) العزاب الغير طوعيين هم مجموعة من الشباب الذين يقولون أنهم لا يستطيعون الارتباط بشريك حميمي على الرغم من رغبتهم بذلك. وعادة ما يكونون غاضبين وناقمين وكارهين للنساء ويملكون كره لذواتهم.
(13) الشعبوية وهو الميل لإرضاء الجمهور وكسب ودهم بأي طريقة ممكنة حتى لو كان عن طريق الكذب عليهم أو القيام بأشياء غير أخلاقية.
(14) حزب يقع داخل الحرب الديمقراطي ويدعو لتقليص دور الحكومة وسلطتها مقابل توسيع دائرة الشركات الخاصة.
المصدر:https://lareviewofbooks.org/article/histories-of-violence-when-art-is-born-of-resistance