بطاقة فنية :
اسم الكتاب: شجون عربية.
اسم المؤلف: يوسف زيدان.
دار النشر: دار ن للنشر والتوزيع.
سنة النشر: 2016.
عن الكاتب:
يوسف محمد أحمد زيدان أستاذ جامعي كاتب وفيلسوف مصري، ومتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه، له عدَّة مؤلفات وأبحاث علمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي، وله إسهام أدبي في أعمال روائية منشورة، وله مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف العربيَّة. عمل مديراً لمركز المخطوطات بالإسكندرية في مكتبة الإسكندرية.
عن كتاب شجون عربية:
“شُجون عربيَّة”، الكتاب الشقيق لكتاب “شجون مصريَّة”، لكن هذه المرة لمعالجة ثلاث موضوعات، الدواعش، الكرد أو (الكورد) كما هو مذكور في الكتاب واليهود .. في موضوع الدواعش يعالج الكتاب ظاهرة الداعشية بأخبار قديمة ومقالات قام الكاتب بإعدادها مسبقًا ويذكر بأنه لم يعدل عليها شيئًا وهي منشورة في الكتاب تماما كما كانت منشورة قبل في الجرائد او على الوسائل التي ينشر عليها الدكتور يوسف زيدان، وهذا بالإضافة لبعض التقديمات الحديثة.
الكتاب يعتبر توسعاََ جيدا لمن أراد ذلك في موضوع الداعشية والجماعات الإرهابية المختلفة، وبعض أهم المصادر التاريخيَّة التي تخص الموضوع من عدة أطراف، ولعلَّ أهمها والتي ذكرها الكاتب بإختصار شديد هو موضوع الختم المستعمل في شعارات هذه الجماعة، حيث يقول “كما نلاحظ أن راية (داعش) سوداء اللون، تحمل صورة يظن الجُهَّال أنها “ختم نبي الإسلام” مع انني ذكرت قبل سنوات في عدة مقالات، وفي فصل خاص من كتابي “دوامات التدين” أن هذه الاختام النبوية مشكوك فيها تمامًا، ومأخودة من رسائل النبي المشكوك فيها. والأرجح أنها خطأ تاريخي أو تدليس دعائي أو تزوير متعمد. وهو مايدل على طبيعة تفكير هذه الجماعات وطريقتها في إلتقاط الرموز غير المؤكدة، وغير المنكرة عند عوام الناس، لإضفاء قداسة وهمية على هذه “الراية” وعلى الذين يحاربون تحتها.. ” وكان ليكون أحسن لو كان هنالك توضيح للقارئ أكثر لأهمية هذا الموضوع، حيث أنه بذلك ستسقط القداسة على الرسالة التي يعتبرها البعض إلى هرقل عظيم الروم، والتي استعمل فيها نفس الختم. وجب التوضيح بأن الرسالة مكتوبة بالخط القريب لأن يكون كوفيا وهو ليس كوفي بل تقليد سيء، في حين أنها من المفترض أن تكون مكتوبة بالخط الحجازي وهو أقدم من الكوفي وهو خط عصر تلك الرسالة، وبهذا التفسير يتضح لنا بأنَّ صاحب الرسالة وقع في خطأ شنيع وتزوير واضح لانفهم أسبابه لحد الآن (جدير بالإشارة أن المؤلف نفسه ناقش موضوع قضية رسالة نبي الإسلام إلى المقوقس وبين زيفها وتناقض القصة بمبدأ ”إعمال العقل في الخبر” في كتابه متاهات الوهم).
في موضوع الكرد يتوسع الدكتور يوسف زيدان في أصول الأكراد ويذكر معلومات مهمة بهذا الخصوص قد تكون خفيَّة حتى على بعض الأكراد نفسهم، كما يذكر بعض الخرافات المشتهرة على الأكراد ويدحضها في نفس الموضوع، كما أنه لايتحدث عن الأكراد فقط، بل حتى على بعض الأصول العربية الأخرى.
في موضوع اليهود والذي يسميه الكاتب لاحقا بعبرانيات لأنه قدم عام كامل من الصالونات الشهرية في موضوع العبرانيات، يعالج كل ماله علاقة بإسرائيل واليهود تقريبًا، ويذكر في ذلك بعض الحالات والأحداث التي حصلت في فترة سابقة وبعض الأحداث التي حصلت في مصر كذلك، ويقوم بمقارنات بسيطة بين مصر وإسرائيل، ويذكر في ذلك بعض الأحداث التي حصلت له هو شخصيًا عندما كان مدير متحف المخطوطات والمشكلة التي حصلت له بسبب كتاب “بروتوكولات حكماء صهيون” وكما قام في بداية الكتاب في موضوع الداعشية بإستعمال مقالات قصيرة منشورة سابقًا، قام الكاتب كذلك في موضوع “عبرانيات” بنشر مقالات منشورة كذلك.
الكتاب يحمل معلومات مهمة جدًا لكن بعض المعلومات كان يُستحسن لو تم التوسع فيها أكثر، كما أن إعادة نشر ماهو منشور مسبقًا فكرة قد لاتعتبر موفقة جدًا فإن كنت من متابعي الدكتور ستشعر كما لو أنها نفس الأفكار تتكرر في كتب مختلفة، هذا الكتاب حصرًا ليس أفضل ما ألفه الدكتور يوسف زيدان، لكن لازال يحمل فائدة لايستهان بها.
بعض ماذكر في مناقشتنا مع الدكتور يوسف زيدان
برأيك أستاذ، من هو المثقف بالتحديد؟
– في مصر ، كان للمثقفين مشاركة قوية في أحداث الثورة .. ثم دفعوا ثمنا غالياً، وتساقطوا رويدا، بالوفاة أو الهجاج أو اليأس، المثقف هو الناطق بلسان الجماعة، والحالم بمستقبلها .. وهو “زرقاء اليمامة”
يقول الدكتور في شجون عربية أن داعش و الجماعات التي شابهتها على مر الأزمان، إنما تعبر عن همجيَّة الحالة البدائيَّة التي حجبتها قشرةٌ رقيقة من الرقيِّ قامت على أسس متوارثة.. منها فكرة الضمير، و مفهوم الحب وغيره، توالت عبر الأجيال حتى ظن كثير من الناس أنها فطرة في الإنسان… هل هذا يعني أن الأصل في الإنسان هو هذه الحالة البدائية؟ فذلك معناه، أن الإنسانية لن تفتأ تعاني من هكذا حركاتٍ و جماعاتٍ ما بقيت .. تماما كما كانت الحضارة بمظاهرها منذ عشرات آلاف السنين و أكثر، أي أن الوعي التراكمي للبشرية، لن ينفعنا في طمر الحالة البدائية الكامنة فينا؟
– الحالة الحضارية تحاصر النزعات الهمجية و تهذّبها .. لكنها لا تقضي عليها تماماً
شكرا لك دكتور على هذه الإضاءات…طيب بالولوج إلى مضمون الكتاب…في المسألة المتعلقة بداعش، أشرت دكتور أنَّ أزمة الأصولية في الأديان بما في ذلك الإسلام تعود إلى النصوص الثواني ممثلة في السنة..البعض يعلق أن النصوص التأسيسية كما في القرآن قد تحمل شحنات أصولية بحسب القراءة الهرمنيوطيقة للنص…الا تعتقد دكتور أن الإشكال يقع بدرجة أولى على النصوص التأسيسية لما لها من أهمية في ضمير المؤمن؟
– النصوص الأولى تحتمل التأويل .. الثواني من النصوص أخطر بكثير ، لأنها قاطعة
اذا كانت هذه النصوص جملة تبريرات لنزعة كامنة فينا، حسب رأي الدكتور، ما مدى هذه النزعة فينا، و ما تجليَّاتها؟ و لماذا نراها في شرذمة قليلة فقط؟
– الاستعمال هو الخطير ، والفعل .. أما اعتقاد الصحة ، مجرداً ، فلا خطر منه
أليس القطع بالثبوت أدعى لاستعمال النصوص؟
– لا ، هذا غير ذاك .. لا احد يشك في آيات الرّق ، ولا أحد اليوم يقتني الرَّقيق ويضيف قائلا : «كل المجرمين الذين يرفعون شعار الدِّين ، في كل الديانات و الفترات التاريخية .. انطلقوا من النصوص الثواني والثوالث ، وليس من النص الأول
سؤال آخر دكتور نود معرفة رأيك في الحتمية؟
– الحتمية (الضرورة) مفهوم واسع يصعب الخوض فيه هنا
كانت هذه بعض ماتحدثنا فيه مع ضيفنا لهذا الأسبوع، هذا وجدير بالذكر بأننا خضنا مناقشة قاربت مدتها على الساعتين و النصف عن الكتاب.
إعداد : عماد .ب
مراجعة الإعداد : عمر دريوش
تدقيق لغوي: بوخالفي بشرى