مراجعة رواية “يا مريم” لسنان أنطون

بطاقة فنية عن الكتاب:

اسم الكتاب: يا مريم
اسم الكاتب: سنان أنطون
عدد الصفحات: 160 صفحة
دار النشر: منشورات الجمل
سنة النشر: 2012
جوائز: القائمة القصيرة للبوكر 2013
تصنيف: رواية

عن الكاتب:

شاعر وروائي وأكاديمي عراقي، للتعرف عليه أكثر، إقرأ حوارنا معه من هنا

عن الكتاب:

“يا مريم” الأمل ويد الموت الجاحدة

“ماكو أمل” هذا ما قالته مها إحدى الشخصيات الرئيسية في رواية سنان أنطون “يا مريم”.

داخل بيت كبير وبارد في بغداد، تسكنه أسرة عراقية مسيحية صغيرة، تقف الشابة “مها” على طرفٍ نقيض من “يوسف” الرجل المُسن إذ عاصر هو بعض أيام العراق الخالية من الطائفية، بينما ولدت هي لتعاصر واقعا جديدا مليئا بالحروب والأزمات والقتل على الهوية.
يتحكم الروائي بشخصياته بشكلٍ مُتقن فيُبيّن لنا جوانب الشخصيّة النفسيّة بكل مهارة، في محاولة لإظهار ما تتركه الحروب على نفسيّة البشر، وكيف من الممكن أن يأكل الألم أرواحهم حد التفكير بالهروب فقط، إمّا إلى الأمام بتغيير أوضاعهم كما تريد “مها”، أو إلى الخلف من خلال العودة إلى الماضي كما فعل “يوسف”، وبكل الأحول تبقى هذه الذوات ضحية يدّ الموت الجاحدة التي إما أن تكون وصلت إليهم، أو إلى أعزائهم.

اللغة في هذهِ الرواية فيها من السهولة والصعوبة على حدٍ سواء، نجد تمكّن الكاتب من اللغة بقدرته على تطويع مفرداتها لتجسّد الصورة التي يريدها بكل سهولة، هذا إضافة إلى استخدامه الكثير من مُدخلات الشعر والغناء والتراث. بينما قد يجد القارئ البعيد عن البيئة العراقية قدرا من الصعوبة في فهم بعض المفردات من اللغة المحكية التي استعملها الروائي في الحوار بين الشخصيات، كذلك توظيف الكاتب اللغة الآرامية لما تعلق الأمر بالصلوات. غير أن إتقان الوصف وسلاسة السرد تبعد عنه هذهِ الوحشة بل تضعه في أجواء الألم والصراع النفسي الذي تعيشه شخصيات هذهِ الرواية.
ولعل أن بحث التناقضات هو الصفة الأبرز في هذهِ الرواية، الحياة/الموت، الماضي/ الحاضر، الشباب/ الشيخوخة، الحكمة/ التسرع، الوفاء/ الغدر، وهنا يُترك القارئ أمام أحكامه وأفكاره، أين الصواب؟ حكمة يوسف وقراره التمسك بوطنه؟، أم تسرع مها وقرارها الرحيل والنسيان؟، الحياة التي يدافع عنها يوسف ويجد أملا في تحسنها؟، أو الموت الذي يغتاله في النهاية؟
وهنا نستطيع القول بأن رواية تبحث موضوعا مثل “الطائفية” كان لابد أن تدخلك كقارئ في صراعاتها لكي تضعك أمام ضميرك ومشاعرك أيضاً، فقد حاول الروائي أن يُبعد الرواية عن مسار إطلاق الأحكام أو بيانها صريحة واضحة، وهذا يفسر لنا تنقل الكاتب بين ضمير المتكلم وضمير الغائب في الرواية.
الزمن في الرواية كان مُكثّفاً، إذ حاول الروائي معالجة العديد من المواضيع الحساسة في يوم واحد، وهو الزمن الذي تحدث فيه الرواية، مستعملا في ذلك أسلوبا سرديا مميزا يعالج الزمن كدوائر تتقاطع لا كخط مستقيم، ومنها دوائر العراق في الماضي والمستقبل، الطائفية مسبباتها ونتائجها، الصراع النفسي للأفراد في ضل الحروب، وكل هذا في جو أشبه بتتابع الأحداث من فيلم سينمائي، كل حدث له دور مهم يخدم موضوع الرواية.

“يا مريم” إحدى نوافذ النظر إلى العراق وأهله في عصر الظلام الأصعب “الطائفية”، تذكرة للسفر إلى جحيمها والعودة ربما بقناعات وأفكار جديدة، فهل أنت مستعد لقبول هذهِ التذكرة؟

كاتب

الصورة الافتراضية
aliaa.tawfik
المقالات: 0