ملخص كتاب “الفردوس الأرضي” لعبد الوهاب المسيري (ج1)

بطاقة فنية عن الكتاب:

اسم الكتاب: الفردوس الأرضي

الكاتب: عبد الوهاب المسيري

عدد الصفحات: 161

الناشر: تنوير للنشر والإعلام، 2014

عن الكاتب:

عبد الوهاب محمد المسيري (1938-2008). مفكر إسلامي، وعالم اجتماع مصري. من أهم أعماله: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (ثمانية مجلدات)، ورحلتي الفكرية، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزأين)، إشكالية التحيز (سبعة أجزاء). كما أن له مؤلفات أخرى في الحضارة الغربية والحضارة الأمريكية مثل: الفردوس الأرضي، والفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، والحداثة وما بعد الحداثة، ودراسات معرفية في الحداثة الغربية. وله دراسات لغوية وأدبية من أهمها: اللغة والمجاز، ودراسات في الشعر، وفي الأدب والفكر، كما صدر له ديوان شعر بعنوان أغاني الخبرة والحيرة والبراءة، ونشر عدة قصص وديوان شعر للأطفال.

تلخيص الكتاب:

الباب الأول: البراجماتية الأمريكية والبراجماتية التلمودية:

1- صهيون الجديدة في الولايات المتحدة وإسرائيل:

الحضارة الأمريكية (البيوريتانية) قائمة على العداء والرفض التام للتاريخ الأوروبي، ويتجلى ذلك في الأعمال الأدبية (بحيث يصور ان التاريخ كله هراء وتمهيد لظهور امريكا)، ويقابل هذا الرفض الأمريكي للتاريخ الأوروبي، الرفض الصهيوني الإسرائيلي لتاريخ اليهود في الدياسبورا (الشتات) وهذا التطلع للفردوس الأرضي يسيطر على الوجدانين الأمريكي والصهيوني.

كلا الطرفين يرى نفسه رائداً وصاحب رسالة؛ وهذا يجعله صاحب عقلية فعلية أكثر منها فكرية، ويقدم النتيجة العملية على الاعتبارات الخلقية مثل شخصية الكاوبوي، وكنتيجة حتمية لهذا الفكر ظهر العنف العنصري الذي يوقعهم في تناقض حيث تصبح الإبادة والجريمة (إبادة الهنود الحمر والفلسطينيين) ضرورة لقيام الفردوس [فردوس وجحيم في آن واحد].

2- فابريكة الإنسان الجديد:

إنّ أهم تحدٍ يواجهه المستوطن الجديد الرافض للتاريخ هو تحدي الهُويّة؛ لذلك يجد نفسه مختبئًا خلف تراث مفبرك وأسطورة بسيطة يؤمن بها (مثل: آدم الجديد الديمقراطي عند الأمريكيين واليهودي الخالص عند الصهاينة)، لكن هذه الأسطورة سرعان ما تصدعت ولم ينجح الانصهار مع ظهور تيار السود الثوري؛ الذي بدأ يأخذ منحى قومي ثم تلاه بعد ذلك سريان هذا الوعي القومي لباقي الأجناس كالإيطاليين والإيرلنديين.

الخلاصة، إن الكل الأمريكي المتجانس لا وجود له، فتلك البوتقة التي صنعوها لم يخرج منها الإنسان الجديد مبتسمًا، بل خرج منها اليهودي المزدوج الولاء، والأفرو-أمريكي والإيرلندي.

في المقابل، لدى الإسرائيليين مخاوف جادة من ملاقاة مصير المجتمع الأمريكي، فحتى الداخل الإسرائيلي يشهد وجود قوميات صغيرة (يهود روس، يهود ألمان، يهود فرنسيين…) لكن الفرق بين النموذجين ان الصهاينة يعانون من حصار حضاري عربي يساهم في صهر الوافدين في الفابريكة الإسرائيلية، كما ان فبركة تاريخ يهودي خالص من تاريخ الشتات أسهل بكثير من خلق تراث جديد بأكمله من الصفر كما في الحالة الأمريكية.

3-لغة التعامل مع الواقع:

إنّ القطيعة الأمريكية مع التاريخ والتراث جعلت المجتمع لا يعرف أيّ مقدسات أو ثوابت؛ مما أدى إلى ظهور رغبة في اقتحام شتى الميادين ومحاولة فهمها وتفسيرها، حيث كل شيء خاضع للبحث والتجزؤ، وكل هذا أدّى إلى تراجع الاعتبارات الخُلقية وجعل المجتمع الأمريكي مجتمعا علمانياً بمعنى الكلمة لا تسيطر عليه آراء كلية عن الانسان والكون.

3- فلسفة الكاوبوي (دراسة في العنف البراجماتي):

أمام الفكر البراجماتي ليس هناك حق تاريخي ولا حق إنساني، بل فقط منطق القوة والترسانة العسكرية، وخلف فلسفة وليم جيمس يقبع عنف كبير رغم الغطاء الانساني.
[التعريف بالبراجماتية ونظرة حول فلسفة جيمس ص ٣٩]

العبقري هو البراجماتي الذي يقف في القمة ويقاوم التيار المتغير، وهو في الحقيقة ليس سوى عالم نيتشوي دارويني (ص٤١)، مما يجعل العالم عالم البقاء للأصلح أو الأكثر عبقرية، وهذا هو جوهر فلسفة جيمس، الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يفترس أبناء نوعه إذا تكيف مع حالة الحرب، ولا يمكن لحالة السلم الطويلة أن تمحو عنه الرغبة في الحرب “قد ولدنا كلنا لنحارب”، في هذه النقطة بالضبط يختفي الهدوء العملي المرن وتظهر الحقيقة الداروينية النيتشوية [وإن كان داروين أو الداروينية هي الأصل والبنية الكامنة والحقيقية بالنسبة لهذه الفلسفة؛ لأنها ترى الإنسان مجرد كائن طبيعي تجري عليه قوانين الطبيعة مع إهمال تام للمعطيات التاريخية والخُلقية والجمالية، وقالت بأن القانون الوحيد الذي يسري عليه هو قانون البقاء للأصلح، (وقام نيتشه بتطوير هذا الفهوم لاحقاً).

في داخل هذا الإطار الفلسفي لا بد أن يظهر نمط إنساني ما يجسد هذه الفضائل والرذائل (التي هي ليست فضائل ولا رذائل، بل قانوناً طبيعيًا حسب تعبير نيتشه)، وهذا النمط الإنساني هو الكاوبوي أو الرائد الأمريكي الذي يُخضع كل شيء.

الفارق الجوهري بين البراجماتية الأمريكية والصهيونية هو أن الأمريكية متناسقة مع نفسها أكثر؛ بسبب عدم ثقلها بالأساطير، ولأنها براجماتية لا تاريخ لها، عكس الصهيونية الثقيلة بالأساطير والتواريخ المقدسة.


الباب الثاني: عالم السلع الفردوسي

1- الخلاص بالسلعة:

إنّ أهم فلسفة تستطيع الانتشار في ظل الرأسمالية هي البراجماتية؛ لأنها وسيلة تحافظ بها على اتزان المجتمع وضمان أن الفرد سيظل يستهلك دون تساؤل عما إذا كان في هذا سعادته أو شقاؤه.

2-الهيبي في الفردوس:

الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا يستطيع تحمل العزلة وسرعان ما يسعى للتمرد، والاحتجاجات السياسية بدأت تأخذ شكلًا منظمًا، مثل: اليسار الجديد، ولكنه في كثير من الأحيان يأخذ شكل احتجاج عاطفي روحي لا يستند إلى تحليل؛ لذلك ثورة الهيبي ثورة فردية يدير فيها الشخص ظهره للنجاح الذي تصوره البورجوازية من الفقر إلى الثروة الكبيرة، ويجد في فشله تحدياً لها فهو يعكس آلية، ويمشي من ظروف حسنة مهيأة ليسير نحو النجاح، إلى حالة من الضياع والفقر وارتداء الثياب البالية مجسدًا أسطورة الرجل الفاشل، التي هي نقيض الرجل العصامي (الذي تصوره البورجوازية على أنه الناجح)، لكن الهيبي يشترك مع العصامي البورجوازي في أن كليهما ليس له تاريخ أو تراث أو تقاليد أو وعي، والدليل على أن كلاً من العصامي والهيبي يشكلان جزءاً من المشهد الأمريكي- هو أن شخصية الكاوبوي لا تختلف كثيراً عن شخصية الهيبي فهي تحيا حياة بسيطة مع إخوانه ولا يستهلك كثيرًا ولا يتعامل مع المجتمع.

لكن حركة الهيبي مثل كل الحركات غير المنظمة والتي لا تستند على قاعدة اجتماعية، سرعان ما تتحول إلى مجرد موضة وتزول ويتم نسيانها، وهذا ما حدث لها بالضبط [وهي لا تنشد التغيير الجتماعي بل تحقيق النشوة الفردية فقط].

3-أهل يسوع أو مسيحيو الطرقات:

مثل الهيبيي لا يجمع أهل يسوع تنظيم معروف، وإضافة إلى تمردهم على المجتمع المادي، تمرّدوا أيضًا على المؤسسات الدينية التقليدية، ولكن لما كانت لا تقدم رؤية كونية متكاملة؛ فإنها فشلت في تلقي الرواج وصارت علاقتها بالواقع واهية.

إن أهل يسوع يبحثون عن أسطورة جديدة تحل محل أسطورة الإنسان العصامي وأسطورة الهيبي الفاشل، وهي أسطورة المسيحي في بساطته الأولى، وهم بهذا يدخلون عالم الاستهلاكية الأمريكية من أوسع أبوابها؛ إذ يشتركون معها في رفض التاريخ والواقع الاجتماعي، وبهذا يختلفون كل الاختلاف عن الوجدان الثوري الذي ينظر للمجتمع ويقدم رؤى هي في صميمها إمكانات حقيقية وليست حلولاً فردوسية من خارجه، [وتكمن معاداتهم للتاريخ في حرفيتهم ورفضهم القاطع لتفسير الانجيل].

وفي النهاية، وقع أهل يسوع في براثن الاستهلاكية؛ إذ استثمرت هذه الأخيرة في أصحاب هذه العبادة الجديدة؛ فصارت لهم إعلانات مسيحية وقمصانًا وأزرارًا يُعبّرون بها عن انتمائهم، وساعاتٍ فيها وجه المسيح، وأغاني ومسرحيات مسيحية تسرّي عنك.

4- انتحار المسيح في برودواي:

ثمّة تيار عملي قوي في التفكير الديني في الولايات المتحدة، فالبيوريتانيون يعتقدون أنه إذا رضي الله عن أحد ما فإنه يجعله ينجح مادياً وتجارياً، وبهذا أصبح الدين اتجاراً والتجارة ديناً.

الجزء الثاني من الملخص: هنا

تدقيق لغوي: آية الشاعر
مراجعة: عمر دريوش

كاتب

الصورة الافتراضية
Mehdi Azzeddine
المقالات: 0