مراجعة رواية ’’بليغ‘‘ لِـ طلال فيصل

بطاقة تعريفية بالكتاب

اسم الرواية: بليغ
اسم الكاتب: طلال فيصل
عدد الصفحات: 339
دار النشر: الشروق
سنة النشر: 2016

عن الكاتب:

طلال فيصل: هو كاتب ومترجم مصري، يترجم من الانجليزية والألمانية والفرنسية. تخرج من كلية الطب، ودرس بعد ذلك الفلسفة لمدة ثلاث سنوات في كلية الآداب، ثم سافر في بعثة لاستكمال دراسة الطّب النّفسي في ألمانيا. ترجم العديد من الكتب مثل الربيع، الإحساس بالنهاية، ذكريات تراني وجنون المتاهة.

صدرت له رواية سيرة مولع بالهوانم، ورواية سرور التي حصلت على جائزة ساويرس وكانت منعطف الشهرة الأكبر له.

له ديوان ” الملائكة لا تشاهد الأفلام الإباحية“، وأخيرًا بليغ، إلى جانب بعض المقالات وترجمته لبعض الحوارات الصحفية.

عن الكتاب:

ليالينا
ليالينا ليالينا
وتاهت بينا ليالينا
وتاهت بينا تاهت ليالينا ليالينا
وقولنا نرسى نرسى على مينا
مشينا وادينا من غير أهالينا
ولا حد بيسال فينا
واتارى الدنيا غداره غداااااره
بتغدر كل يوم بينا غدااااره
والله وجيتى علينا يا دنيا جيتى علينا علينا يا دنيا
وجيتى كتير على ناس قبلينا
ليالينا ليالينا
وتاهت بينا ليالينا

يبدع طلال فيصل بمزج الأغاني والموسيقى وحركات الألحان بالتاريخ والبحث والاستقصاء، بالمتعة والقصص والحب، وأخيرًا بالخيال. ليحكي روايته التي تتناول بليغ حمدي، والغناءَ والماضي والوطنَ المشوشة صورتُه، والجمال والحب الذي يحيي ويميت فرائسه.

يقدم طلال تجربة مختلفة وفريدة في نواحٍ مختلفة، أولها الحبكة والقصّة المترابطة القويّة، التي تساعده في عرض حياة بليغ وأهم محطاتها. فيُخَيَّل للقارئ أنه عاصره.
ويمزج لغتَه الرصينة بالأغاني، فيجعل المتعة فائقة، ليساعد القارئ على الغرق في حكاياته.

الرواية تتحدّث عن شاب مصري اسمه طلال، يعاني ألمَ الحبّ والفراق. تبدأ الرواية من قرب النّهاية، وكيف أتى طلال إلى فرنسا، ومن ثَمّ نتعرف على الموسيقار المصري الذي عاش في باريس شطرا كبيرا من حياته، وهو بليغ حمدي، الذي لحّن العديد من الأغاني العظيمة في تاريخ الغناء العربي.

تسير الرواية بفصلٍ لطلال وفصلٍ لبليغ. ثم تنتهي بفصلٍ ليومياتٍ متفرّقةٍ لبليغ.
فتخال أنّه بُعث ليكتب قصصه بصدقٍ وأسلوبٍ يناسب شخصيّة بليغ التي في ذاكرتنا.
ثمّ فصلُ سليمان الذي ينهي به حبكة الرّواية وقصّةَ طلال البطل الذي كسرته التجربة وأتعبته، وقصّةَ سليمان، وقصّةَ الطّبيب المصري الذي بدأت الرواية حين التقى بطلال في المستشفى، وقصّةَ بليغ أيضًا، وقصّةَ عشقٍ ملهمةٍ عذبة.

افتكر لي لحظة حلوة … عشنا فيها للهوا
افتكر لي مرّة غنوة … يوم سمعناها سوا

نعرف كيف بدأ بليغ مشوارَه وكيف هوى الموسيقى، نتعرّف على مدى موهبته وإبداعه وتلحينِه لأعظم الأغاني.
نراه مع أم كلثوم، ونرى عربدته وانطلاقه، ونَعمه بالحرية والمزاج. من ثَمَّ ننتقل لتفاصيلَ في حياته، ومن أهمّها قصة حبه لـ وردة الجزائرية، وقصصه مع مغنّيات وسيدات أخريات.
نرافقه حيث ظنَّ أنّ كل شيء انتهى حين افترق عن وردة رغماً عنه، وحين ظنّ أنّ الحكاية انتهت بسعادة حين تزوجها.
نرى تفاصيل الحزن والسّعادة، نرى القضية التي واجهها في نهاية حياته، ونرى تفاصيل دُنُوِّه من الموت.
نقرأ الجانبَ الطيّب والمرح من بليغ، وكذا الجانب المبدع من حياته.

الحب مرضٌ، بعض النّاس يَنعمون بالحبّ ويُشفون منه، وبعضهم يغرقون فيه، وهناك من يحبّ لأول مرّة بصدقٍ بالغٍ، فيعيش حياتَه بحثًا عمّن يُنسيه المرض الأوّل.

جُرأة بليغ تمثّلت في إرسال رسائلَ لوردة عن طريق أغانٍ تغنِّيها أم كلثوم، فتتغنّى بـ “بعيد عنك” ويكون مقصده لوردة، وتتوالى المراسيل ومعها حكايات العديد من الأغاني وتفاصيلها. يجعلك طلال تندمج وترى بعض أغاني العتاب بقصص مشوقة محزنة شجية، كأغنية “بودّعك”.

نسيت النوم وأحلامه … نسيت لياليه وأيامه
بعيد عنك حياتي عذاب … متبعدنيش بعيد عنك
مليش غير الدموع أحباب … معاها بعيش بعيد عنك

غلبني الشوق وغلّبني … وليل البعد دوّبني
ومهما السهد حيرني …ومهما الشوق سهرني
لا طول بعدك يغيرني … ولا الأيام بتبعدني بعيد عنك

في الجانب الآخر قصّة طلال، الذي تخرّج من كلية الحقوق فرنساوي، وتسير قصّته في الماضي القريب؛ ما بعد الثورة. يتعرف على فتاة فرنسية، يحبها حد العشق، ثمّ يتألّم ويتعذّب في تفاصيل قصته الشّجية. خلال ذلك يتحدّث عن بعض أحداث الثورة في مصر وما بعدها بقليل، يمر ببعض الوقائع، ويبدي رأيه بفشل الثّورة بشكل ما، ويعرض ذلك باختياره موت جيكا، أو أحداث مجلس الوزراء، أو كشوف العذرية، وغيرها من الوقائع حتّى تولّي محمّد مرسي.
يُريكَ رأي الغرب في كل تلك الوقائع، وموقفه الشخصي من تولي مرسي.
حين سافر طلال لفرنسا ليلحق بعشيقته، هناك بدأ بكتابة روايته عن بليغ وتحضير رسالة ماجستير في القانون.

ياما الحب نده على قلبي ماردش قلبي جواب

ياما الشوق حاول يحايلني واقوله روح يا عذاب

ياما عيون شاغلوني لكن ولا شغلوني

إلا عيونك أنت دول بس اللي خدوني

أهل العشق مساكين، وطلال أحدهم. أهل الهوى غلابة، وطلال واحد منهم بقصة حبّه وألم الفراق وقسوة الرّحيل.
طلال كاتب متمكن، أبدع في صنع قصّته ونسجها ليدخلك في عمقها بمتعة وبساطة وانسياب مبهر.

طلال وسلمان وبليغ، رغم الاختلافات الجمّة بينهم، إلا أن التشابه في قصص الثلاثة كبير، إذ لم ينجُ أحدٌ منهم من الحب رغم موهبته. جميعهم مساكين، ولم يبقَ لهم سوى توديعِ أمّ العيون السّود.

بودعك وبودع الدنيا معك
جرحتني قتلتني 
غفرت لك قسوتك  
بودعك من غير سلام 
ولا ملام ولا كلمة مني تجرحك  
أنا .. أنا .. أنا أجرحك 
بسم الآلام ارحل قوام
حبي الكبير ح يحرسك في سكتك  

بودعك، ودع مُحباً ودعك قبل الأوان
بودعك، كلمني مشتاق أسمعك من زمان
بودعك، بشوق لــ لمسة من يدك لمسة وداع
ما أبخلك
بكرهك، لأ .. بعشقك بعشقك بعشقك
يا عمري راح وجه الرياح
يا قلب دافي بعشرتك أنا رحلتك
أنا ..أنا .. أنا رحلتك أنا أنا أنا
رحلتك.

تدقيق لغوي: كرنيف ربيحة.

كاتب

الصورة الافتراضية
Marwan Mohamed Hamed
المقالات: 0