كيف نكوّن الطلاب من أجل الوظائف في القرن الحادي والعشرين

يتمثّل الهدف الشائع للمعلمين والأساتذة في تحديد وتعليم المهارات المعرفية اللازمة لفضاء العمل. وفي برينستون بنيوجيرسي، قامت مجموعة من المحققين في خدمة الاختبارات التعليمية، في عام 2017، بالتحقيق في المهارات المطلوبة بعد التغيرات السريعة التي تحدث مع تحول الولايات المتحدة من اقتصاد صناعي إلى اقتصاد قائم على المعلومات. قامت المنظمة بتحليل 142ألف  إعلان وظائف عبر الإنترنت تم نشرها بين فبراير وأبريل من ذلك العام. وكانت المهارات الأكثر طلبًا هي التواصل الشفوي (28٪)، التواصل الكتابي (23٪)، التعاون (22٪) وحل المشكلات (19٪). وقد قررت خدمة الاختبارات التعليمية هذه تسميتها بـ”مهارات القرن الحادي والعشرين”. وهي مزيج من المواهب المعرفية (حل المشكلات غير الروتيني، التفكير النقدي، وما فوق المعرفة)، المواهب الاجتماعية، والمواهب الشخصية (العاطفية، والتنظيم الذاتي).

اتخذ تقرير مستقبل الوظائف لعام 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي نهجًا مختلفًا من خلال مطالبة المديرين التنفيذيين لبعض أكبر أرباب العمل في العالم بتقديم تقرير عن أحدث اتجاهات التوظيف والمهارات والاستثمار البشري عبر صناعاتهم. كشف الاستطلاع عن تزايد الطلب على أدوار متخصصة جديدة تتعلق بفهم واستخدام أحدث التقنيات الناشئة : متخصصو الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي ، متخصصو البيانات الضخمة، خبراء أتمتة العمليات، محللو أمن المعلومات، مصممو التفاعل بين الإنسان والآلة، مهندسو الروبوتات. وستصبح مهارات الإبداع، التفكير النقدي والتفاوض وحل المشكلات المعقدة أكثر قيمة. بالإضافة إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي، وفقًا للتقرير، تزايد الطّلب على مهارات القيادة، الذكاء العاطفي ومهارات التأثير الاجتماعي.في الواقع، يجب دمج هذه المهارات المعرفية في الدورات التي يتم تدريسها في المدارس الثانوية، الكليات والجامعات، بل ويمكن البدء بمقدمات حول المهارات التكنولوجية في المدرسة الثانوية.

في عام 2016 ، أشرف برنامج التنسيب المتقدم التابع لـ College Board على إطلاق أكبر دورة تدريبية في تاريخ البرنامج البالغ 60 عامًا مع إصدار مبادئ علوم الكمبيوتر  AP. تقدم الدورة لطلابها المفاهيم الأساسية للمجال التي تدعوهم لاستكشاف تأثير الحوسبة والتكنولوجيا على العالم. وفي العام الدراسي 2018-2019، قدّمت أكثر من 5000 مدرسة هذه الدورة. وركّزت دورة ثانية، AP Computer Science A، على مهارات الحوسبة المتعلقة بالبرمجة في Java، وعلى تعليم المفاهيم الأساسية لعلوم الكمبيوتر لتشجيع مشاركة أوسع، خاصّة الإبداع، التجريد، البيانات، المعلومات، الخوارزميات، البرمجة والإنترنت والتأثير العالمي.

أعلن مجلس الكلية أن ما يقرب من 100 ألف طالب قد خضعوا لاختبار مبادئ علوم الكمبيوتر AP في عام 2019، أي أكثر من ضعف المشاركة منذ انطلاق الدورة خلال العام الدراسي 2016-2017. خلال تلك الفترة، تضاعف عدد الطالبات وعدد الطلاب الأمريكيين من أصل أفريقي وعدد الطلاب من أصل لاتيني .

يتمثل التحدي الذي تواجهه الكليات والجامعات في تصميم تعليمات للعدد المتزايد من الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم العالي دون تخصص معلن. ناقش مقال صدر عام 2019 في The Chronicle of Higher Education كيف تمنع بعض المؤسسات هؤلاء الطلاب من التجول بين الدورات. يتمثل أحد الحلول في مطالبة الطلاب القادمين باختيار مجال تركيز أكاديمي أو تخصص رئيسي لمساعدتهم على استكشاف الموضوعات التي ينبغي أن تروق لهم. في خريف عام 2019، طلب نظام جامعة جورجيا بأكمله من الطلاب الجدد الإعلان عن مجال تركيز أكاديمي إذا لم يتمكنوا من اختيار التخصص. وتمتلك جامعة هيوستن برنامجًا مشابهًا يعتمد على نفس المفهوم. تأثرت هذه البرامج بالدراسات التي وجدت أن طلاب الجامعات يواجهون صعوبة في النجاح لأنهم يواجهون عددًا هائلاً من الخيارات.

تقوم الكليات حاليًا بتقييم مشروع ذي صلة وقد أعلن اتحاد الكليات والجامعات الأمريكية عن اختيار 20 كلية للمشاركة في مشروع تقييم مدته سنتان. تتمثل أهداف المشروع في تعيين أهداف الطلاب إلى المسارات، مساعدة الطلاب على اختيار مسار البرنامج ودخوله، إبقاء الطلاب على المسار، والتأكد من أن الطلاب يتعلمون.

يمكن أن يكون النهج الموجه مفيدًا أيضًا في تقليل التغييرات في التخصصات. في غضون ثلاث سنوات من التحاقهم الأولي، يقوم ما يقرب من 30٪ من الطلاب الجامعيين في برامج درجة الزمالة والبكالوريوس بتغيير تخصصهم مرة واحدة على الأقل. لكن جامعة ولاية جورجيا قللت من التغييرات في التخصص بنسبة 30 في المائة منذ أن بدأت برنامج التخصصات الفرعية قبل سبع سنوات. كان الطلاب الذين قاموا بتغيير التخصصات أكثر عرضة للحصول على أرصدة متقاطعة.

على الرغم من أن الدورات حول تخصص رئيسي قد تكون مفيدة للطلاب ذوي التخصصات غير المصرح بها، إلا أن الدورات لا تعلم بالضرورة مهارات مهمة لمكان العمل في المستقبل. تشمل هذه المهارات التواصل الشفوي والكتابي، التعاون وحل المشكلات. وهي تشمل أيضًا الإبداع والأصالة والتفكير النقدي والتفاوض وحل المشكلات المعقدة. يجب دمج هذه المهارات المعرفية في الدورات المتداخلة* لإعداد الطلاب الجدد للمهارات التي من المحتمل أن تكون مطلوبة عند تخرجهم. يجب أن يركز إنشاء دورات عامة لجميع التخصصات أيضًا على هذه المهارات لأنها ذات صلة بجميع خريجي الجامعات. تتمتع هذه الدورات التدريبية العامة بميزة أنها لا تتطلب من الطلاب اختيار تخصص رئيسي أو مجال محدّد للتخصصات المتداخلة.

(*): الدورات المتداخلة (أو العنقوديّة)- Cluster courses: هي برامج تعليميّة للسنوات الأولى الجامعيّة، تجمع بين مناهج دورتين -على الأقلّ، بشكل متداخل. تقدّم هذه الدورات من طرف جهات أكاديمية (ومهنيّة) مختلفة لنفس المجموعة من الطلاب.

المصدر: How to prepare students for jobs in the 21st century

مراجعة التّرجمة: أميرة بوسجيرة

كاتب

الصورة الافتراضية
Sarah Kebouche
المقالات: 0

اترك ردّاً