ما يمكن أن يفعله الأساتذة لتعزيز نجاح الطلاب

 عزيزي الأستاذ،

إذا كنت مثلي تماما، فأنت تعيش غالباً حياة هادئة كأستاذ. ومثل معظم زملائك، تُجري بحوثَك وتجلس في اللجان. وتعتبر نفسك مدرّسًا فوق المتوسط وتحصل على تقييمات جيدة من الطلاب.

الوقت الوحيد الذي تنتبه فيه إلى سياسية صادرة عن صنّاع القرار هي عندما يتم تخفيض ميزانية الحرم الجامعي. وقد لا تتذكر إذا سألتُك عن النسبة المئوية للطلاب الذين يحصلون على درجة البكالوريوس في جامعتك. لكن عليك أن تتفاجأ عندما أخبرك بأنه، على الصعيد الوطني، ثلاثة فقط من كل خمسة طلاب – أي ما يعدل نصف الطلاب فقط في الجامعات الحكومية – يحصلون على دبلوم في ست سنوات. أما إذا كنت تدرس في كلية المجتمع* فإن الوضع أسوأ، إذ أن أقل من أربعة من كل عشرة طلاب يحصلون على درجة جامعية أو ينتقلون إلى كلية مدّتُها أربع سنوات في ست سنوات.

عليك ألا تندهش عندما تعلم أنّ معدل التخرج منخفضٌ بالنسبة للطلاب الجامعيين المنتمين إلى الأقليات أو الجيل الأول* وكذلك أولئك الذين يتلقون منَحَ بيل، والتي تذهب إلى الطلاب من الأسر الفقيرة. لكن فجوة الفرص الكبيرة – وهي حصول 64 بالمائة من الطلاب البيض على درجة البكالوريوس مقابل 40 بالمائة من الطلاب السود – يجب أن تلفت انتباهك.

بوصفك شخصاً عادياً من سلالتنا البشرية، فإن رد فعلك الأولي تجاه هذه المشكلة سيكون: “بالرغم من أنه وضع محزن، لكنها ليست مشكلتي. وإذا أردنا لمعدل التخرج أن يتحسن، فنحن بحاجة إلى طلاب أفضل. والأمر متروك للرئيس وأتباعه لتحقيق ذلك، فأنا مجرد متفرج“.

 لكن معدل التخرج في الجامعات التي تتشابه فيها سمات الطلاب يختلف بنسبة تصل إلى 20 بالمائة. وفي بعض الجامعات، يكون معدل تخرج الطلاب البيض أكبر بثلاث مرات من معدل تخرج الطلاب الفقراء والأقليات والجيل الأول. وفي جامعات أخرى، تكون أرجحية تخرج طلاب “الجيل الجديد” أكبر من الطلاب الآخرين بشكل عام.

أتمنى أن يكون ندائي قد أيقظك.

إذ باستطاعتك فعل الكثير لتغيير الوضع.

دعنا نركز على كيفية تدريس الدروس التمهيدية. على الصعيد الوطني، ما يصل إلى ثلث الطلاب رسبوا في الفصول الطويلة. وبالتالي يجب عليهم أخذها ثانيةً، مما يعيق تقدمهم نحو التخرج. بخيبة أمل، قد يستنتجون أنهم لا ينتمون إلى الكلية، ويغادرون دون مقابلة أستاذ أو مستشار أكاديمي. كما أن أكبر عائق أمام التخرج هو دورة الجبر التي تفرضها العديد من الجامعات –حيث يفشل فيها ما يقارب نصف الطلاب.

ما الذي تستطيع القيام به؟ بالنسبة للمبتدئين، حتى لو كان عدد طلاب فصلك بالمئات، توقف عن تدريس مادتك كسلسلة من المحاضرات، وكأنك حكيمٌ على مسرح. خذ على سبيل الحصر، بعض مدارس ولاية جورجيا من بين مدارس أُخرى انتقلت إلى طريقة “الفصول المقلوبة”  بحيث يشاهد الطلاب المحاضرات ويقرأونها في وقتهم الخاص ثم يجري اختبارُهم أثناء الفصل لمعرفة ما استوعبوه، ويتم تقسيمهم على مجموعات لمشاريع مختلفة.

كذلك عندما تحل مختبرات الرياضيات محل المحاضرات التقليدية، وهي من الاستراتيجيات الرائدة في جامعة ” فرجينيا تك”، أو عندما تستبدل الكلية دورة الجبر بدورة تدريبية مشتركة في الرياضيات والإحصاء والتي ابتكرتها مؤسسة كارنيجي للنهوض بالتعليم، فإن معدل النجاح يرتفع و يكون الطلاب متحفزين أكثر لأخذ دورات متقدمة في هذا المجال.

كما يؤثر أداء الطلاب الجدد في الفصل الدراسي الأول بشكل كبير على ما إذا كانوا سينسحبون من الكلية أم لا. وبصفتك أستاذا يراه الطّلاب مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع ، فإنك تلعب دورًا محوريًّا في تحديد مصيرهم. فبدلاً من الانتظار حتى وصول الدرجات النهائية لاكتشاف من لم يتقن المادة، عليك الانتباه إلى أداء طلابك في الاختبار الأول. لم لا ترسل بريدًا إلكترونيًا إلى الطلاب الذي يبلون بلاء غير جيد وتقوم بحثهم على الحضور إلى ساعات الدعم  وإذا لم يحضروا، اطلب الدعم من المستشارين الأكاديميين.

يُحبَط العديد من الطلاب عند أول بادرة للفشل. وتغذية الشعور بالانتماء يكون ترياقًا لمثل هذا اليأس.  وهذا ما يساعدهم في تطوير ما تسميه كارول دويك، الأستاذة بجامعة ستانفورد، “عقلية النمو“، كما يفعل أساتذة ولاية لونج بيتش مثل كريس سلوينسكي. إذ يشرحون للطلاب أنه لا ينبغي عليهم الاستسلام إذا لم يحلوا مشكلة ما على الفور ويشجعونهم على طلب المساعدة من الأساتذة وزملائهم في الفصل عندما يكونون في حيرة من أمرهم، فهذا يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.

يؤمن الأساتذة بأن اتخاذ القرارات يبنى على معطيات، وهناك بيانات قوية من علم النفس الاجتماعي تدعم هذه الأفكار.

عندما سألت الأستاذ جيف كوهين من جامعة ستانفورد، وهو رائد هذا المجال، من أين تأتي هذه الأفكار، قال: “لقد سرقناها من معلمين جيدين“.  على الرغم من أن أيًّا من هذه التقنيات لا يعتبر عملية جراحية صعبة في الدماغ ، إلا أنني لا أريد التقليل من صعوبة إعادة صياغة الطريقة التي يتم التدريس بها. من السهل وضع بيداغوجيا تدريس جديدة موضع التنفيذ إذا كان لديك زملاء تعمل معهم على ذلك أو أمكنك الحصول على مساعدة من ممارسين على دراية. ومع ذلك ، إذا كنت ملتزمًا حقًّا تجاه طلابك، فيجب عليك تجربة بعضٍ من هذه الأفكار.

أعد تصميم الفصل الدراسي ومن المحتمل أن ترى تحسّنًا كبيرًا في أداء الطلاب. في جامعة تكساس، حصل معظم الطلاب الجدد في فصل الكيمياء التمهيدي لديفيد لود على درجة A، ليس لأنه تخلى عن برنامجه التدريسي – فقد حصلوا على نفس النتيجة النهائية التي حصل عليها طلاب في أقسام الكيمياء الأخرى، والذين كان أداؤهم أسوأ بكثير – ولكن لأنه كان معلماً ذكيًّا. فقد أصبح مدربهم وليس قاضيهم. أراهن على أنك إذا قمت بتغيير عادات حجرة الدراسة الخاصة بك، فسوف يستجيب طلابك. على الرغم من أن أداءَهم لن يكون بروعة أداء الطلاب في فصل ديفيد لاود، لأنه معلم موهوب بشكل ملحوظ، إلا أن درجاتهم ستتحسن وكذلك حماسهم.

إذا قمت بتنفيذ بعض من هذه التغييرات، فقد تصبح مثل سلوينسكي، تحاول إقناع زملائك الأساتذة، وكثير منهم سيكونون مشككين فيما إذا كان عليهم تجربتها. وستكون محظوظاً لو كان لديك رئيس مثل جين كونولي في ولاية لونج بيتش، الذي جعل “عقلية النمو”* أولوية في الحرم الجامعي، لكن بالطبع لا يمكنك الاعتماد على وجود هذا النوع من القيادة. ومع ذلك، يمكنك التحدث وتشجيع أعضاء هيئة التدريس على التعرف على الابتكارات التربوية مثل الفصل الدراسي المقلوب ومختبر الرياضيات. لا تخبرهم فقط، بل أرِهم –ادعُ الأساتذة والمسؤولين إلى فصلك الدراسي وقدم دورة مصغرة في نهاية الأسبوع لأعضاء هيئة التدريس حول الانتماء أو العقلية.

سيقرر معظمكم أن رغبته في التغيير محدودة بفصله –وأن إعادة صياغة الدورات التي تدرّسونها تمثل تحديًّا كافيًا. حسناً إذاً، لديك الحق في ذلك، يمكنك أن تطمئن بأن طلابك سيكونون هم المستفيدين.

المصدر

هوامش:

كلية المجتمع: هي نوع من المؤسسات التعليمية التي لها تسميات مختلفة باختلاف البلدان، توفّر تعليما مهنيّا للقوى العاملة وبرامجَ أكاديمية للتحويل الجامعي، وهي ذات “تسجيل مفتوح” في أغلبها، للطلاب الذين تخرجوا من المدرسة الثانوية.

طالب جامعي من الجيل الأول: بشكل عام، هو أول شخص في عائلته يذهب إلى الكلية. ومع ذلك، هناك اختلافات في طريقة تعريف الجيل الأول. عادة ما ينطبق على أول شخص في أسرة ممتدة يذهب إلى الكلية (على سبيل المثال، طالب لم يذهب والداه، وربما الأجيال السابقة الأخرى، إلى الكلية)، وليس على أول طفل في الأسرة المباشرة يذهب إلى الكلية (على سبيل المثال: أكبر طفل من بين خمسة أشقاء في نفس المنزل).

عقلية النمو: وهي الإيمان بقدرتنا على تطوير مواهبنا وذكائنا وقدراتنا بنحو دائم ومستمر، من خلال العمل الجاد والرغبة في التعلم وتقبل الملاحظات.

تدقيق لغوي: كرنيف ربيحة.

كاتب

الصورة الافتراضية
AymenAbdelali
المقالات: 0

اترك ردّاً