ما هي حالتي الجسدية والعقلية في الوقت الحالي؟

إن شخصا “عصبيا” قد يفكر ويتصرف بشكل مختلف عن ما قد يفعله شخص “هادئ”. أو إن ما قد يتفوه به شخص مجنون غير واع يختلف عما قد يخرج من شخص “عدواني”. هذه التفاصيل وإن كانت سخيفة في مبدئها إلا أنها قد تخفي حقيقة عظيمة.

 عليك أن تسأل نفسك عشر مرات في اليوم: ما هي حالتي الجسدية والعقلية في الوقت الحالي ؟ لتتوصل إلى معرفة ما إن كنت  قادرا على إنجاح دورك بشكل كامل. سوف تكون الإجابة على سبيل المثال: “أنا متعب، لذلك لا أستطيع سوى إنجاز أفعال شخص متعب”. أو قد تكون الإجابة: “أنا عصبي وقلق لذلك لا يمكنني التفكير إلا في حالة التوتر والقلق الذي أشعر به”.

كل التفسيرات التي صاحبت الإجابات السابقة منطقية على ما تبدو، فإذا كانت لدينا حالة من الخمول أو الاختناق أو العجز، فهل نحن قادرون على التفكير في الإرادة أو بالوعي الحقيقي؟ من الواضح أن الإجابة هي “لا”، لأن هذه الصفات العالية تتطلب الانسجام بين شخصيتنا.

قد يجيب شخص آخر: “لدي عقدة”، (رغم أنه لا يستطيع رؤيتها بنفسه) لتشمل تصرفاته وطريقة تفكيره تلك العقدة، وكأنه قبل إظهارها خارج جسده، يجعلها تعبر نفق عُقَده المظلم، الذي يشوه نسخته من الأشياء، حتى ذلك النفق قد يكون داخله محطما، أو يتفرع لعدة طرق تكون بعضها مسدودة النهاية أحيانا، أفكار هذا الشخص لا تتصرف بحرية إطلاقا لأنها تخضع لزاوية منظوره الداخلي وأي معبر من النفق متاح لها. أما في الغالب، قد يُتجاهل وجودها من الأساس.

يظن جميع الناس تقريبا أنهم حين يقومون بعمل شيء ما، فإنهم يقومون به “تطوعا وبحرية”. لكن تعريف العمل التطوعي يعني التحرر من ذلك المنظور المظلم داخله (أو النفق)، لن يكون لحرية عمله أي معنى طالما هنالك قيود داخلية، لأن العمل الحر يتطلب الإرادة، الانسجام القوي الخالي من أي انقسام أو تشويه.

العادات السيئة، قبل أن تكون كذلك فهي ضارة لصاحبها بالدرجة الأولى، قبل أن تلحِق نتائجها الضرر بغيره. الغباء وغيره من مسببات العجز الداخلي، هي الأخرى تعتبر عائقا أمام أفكار ذلك الشخص، لأنها تجعله لا يفعل شيئا على الرغم من نفسه. يتم ذلك دون أن يعرف لماذا وكيف. ثمة شيئ فيه يلِزمه بالعمل والتفكير دون أن يدرك نفسه بأي حال من الأحوالِ هو. كم كان مهما أن يسأل نفسه عشر مرات عن “ما هي حالتي الجسدية والعقلية في الوقت الحالي؟”.. فهو غير واع بحاله إطلاقا، وإن كان كذلك، فهذا معناه أنه نائم. ولكن بما أنه نائم فهو يجهل بأنه نائم.

نتصرف من خلال حالتنا الجسدية و العقلية. إذا كانت حالتنا جيدة ستتناسب أفعالنا طردا مع ذلك، أما إذا كنا نرغب في تغيير نمط أفعالنا سيكون التغيير الفكري والنفسي من أول الخطى.

ترجمة بتصرف: لمقطع من كتاب “les prodigieuses victoires de la psychologie moderne”.

تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي.

كاتب

الصورة الافتراضية
ikram benmeuraiem
المقالات: 0

اترك ردّاً