مراجعة كتاب الأدب الألماني في نصف قرن لـ”عبد الرحمن بدوي”

بطاقة فنية عن الكتاب: 

اسم الكتاب: الأدب الألماني في نصف قرن.

اسم الكاتب: عبدالرحمن بدوي.

دار النشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت.  

سلسلة عالم المعرفة الإصدار 181.

سنة النشر: 1994.

عن الكاتب:

عبد الرحمن بدوي ولد بقرية شرباص- دمياط  بمصر في الرابع من فبراير عام 1917، ويعتبر أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجا، إذ شملت أعماله أكثر من 150 كتابا تتوزع ما بين تحقيق وترجمة وتأليف، ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب أول فيلسوف وجودي مصري، وذلك لشدة تأثره ببعض الوجوديين الأوروبيين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر. ( للمزيد من ويكيبيديا )

عبد الرحمن بدوي

عن الكتاب: 

أول نقطة يجب التنبيه عليها حول هذا الكتاب هي عنوانه المضلل، فالعنوان يوحي بأنَّ موضوع الكتاب هو الأدب الألماني ومدارسه خلال نصف قرن، لكن الحقيقة أنَّه تطرق لهذه النقطة في المقدمة المكونة من 15 صفحة فقط، أما الباقي -وهو موضوع الكتاب- فهو ترجمة لحياة الشاعر النمساوي راينر ماريا ريلكه. فمن يكون ريلكه !؟

هو رينيه كارل فيلهلم يوهان يوزيف ماريا رايلكه الشهير بـ راينر ماريا رايلكه (04 ديسمبر 1875 – 29 ديسمبر 1926) شاعر، مترجم ومسرحي نمساوي وأحد روَّاد الشعر الحداثي، له عدَّة أعمال شعريَّة ونثريَّة حقَّقت له شهرة واسعة في الأوساط الأدبية، كما ساهم في تعريف القراء الألمان بالعديد من الأعمال الفنيَّة الفرنسيَّة منها روايات النوبلي أندريه جيد الذي كان صديقا له .

يبدأ الكتاب بالحديث عن طفولة ريلكه والبيئة الكاثوليكية التي نشأ فيها ثم تجربته في المدرسة العسكرية وانسحابه منها وبداياته المبكرة مع الشعر والأسفار (في عمر 16 السنة) لنُلاحظ لاحقا أن السفر سيكون عماد حياته التي لا تَعرف الاستقرار ، يتطرق بعدها الكاتب لوصف رحلته الى إسبانيا وإعجابه الشديد بحضارة المسلمين هناك حتى أنَّه نظم قصيدةً بعنوان رسالة محمد، يصف فيها نبيَّ الإسلام بالنهر وهو نفس التعبير الذي استخدمه سلفه شاعر ألمانيا الأكبر يوهان غوته.
ثمَّ تلي هذه الرحلة رحلات اخرى يتعرَّف أثناءها على كُتَّاب عالميين مثل أندريه جيد الذي ينصحه بزيارة شمال افريقيا بعدما أظهر اهتمامه بالعالم الإسلامي، فيفعل ذلك لاحقا ويزور الجزائر وتونس ثم يذهب إلى مصر في رحلة هي الأكثر تأثيرا في حياته كلِّها حيث ظهرت آثارها بشكل جليٍّ في أشعاره لاحقا، ليعود لباريس بعدها ويخوض فيها تجربة عاطفية ثانية (بعد زواج فاشل كانت ثمرته فتاة صغيرة) مع فتاة تدعى بنفنوتا كان لها هي أيضا أثر كبير على حياته كما تُظهر لنا المراسلات بينهما (والتي نُشِرت في كتاب مستقل بعنوان رسائل الى بنفنوتا لم يُترجم الى العربية بعد) لكنه لا يلبث أن يقرِّر أنَّ علاقته هذه لن تكون سوى حاجزٍ آخر يعيق كليهما، فهو شخص جوَّال ذو روح متوحِّدة وإنسان كثير التردد لا يصلح للاستقرار، عكسها هي المرحة والطموحة … وهكذا يُمضي حياته من مدينة الى أخرى يكتبُ الشعر ويترجم للألمانية روائع النثر والشعر الفرنسيين إلى أن وافته المنية بسويسرا .

لم يزل عبد الرحمن بدوي يُدهش قارئيه بألمعيته وقدراته الجبارة، فبعدما سلم الجميع له بالأستاذيَّة في الفلسفة ها هو هُنا يقدِّم نفسه كأديب متمكِّن وسارد عظيم حيث روى سيرة حياة ريلكه بأسلوب مدهش وسلس أبعد ما يكون عن الملل الذي يميِّز هذا النوع من الكتابة، وزاد على ذلك أن نظم شعرا يرثي فيه ريلكه اختتم به الكتاب، لكن أكبر ايجابيات الكتاب لا تكمن في شكله إنَّما في مضمونه، إذ يعتبر قيمة مضافة حقيقيَّة للمكتبة العربيَّة كونه شاعر فذ وإنسان مدهش كان قبل ذلك شبه مجهول عند القراء العرب بشكل عام.


تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي

كاتب

الصورة الافتراضية
Mehdi Azzeddine
المقالات: 2