بطاقة فنية عن الكتاب:
عنوانه الأصلي: Non dirmi che hai paura
الكاتب: جوزبّه كاتوتسيلا
المترجم: معاوية عبد المجيد (ترجمها عن الإيطالية)
عدد الصفحات: 264 صفحة
دار النشر: منشورات المتوسط – إيطاليا
سنة النشر: 2016
عن الكاتب :
صدرت هذه الرواية عام 2014، للكاتب والصحفي الإيطالي جوزبه كاتوتسيلا، المتخرج من كلية الفلسفة في جامعة ميلانو، والذي كتب كذلك العديد من قصائد النثر والمجموعات القصصية، حيث يعرف عنه ميله للكتابة عن الأزمات الإنسانيّة كالهجرة، والقضايا الوطنية كالمافيا، والمثاقفة بهدف بناء جسور التواصل بين حضارات العالم وثقافاته المعاصرة، وقد بيع منها مئة ألف نسخة في أشهر قليلة.
عن الكتاب:
يتحدّث الروائيّ متقمّصا شخصيّة البطلة “سامية” وهي شابة صوماليّة حالمة وطنيَّة، تسعى لنيل المرتبة الأولى في الأولمبياد لترفع علم بلدها. تبدأ القصّة من طفولتها التي قضتها مع صديقها المقرّب “علي” الذي لم يكن يستطيع مجاراتها في السباقات، فقرّر بعد مدّة أن يتولّى تدريبها ليساعدها على تحقيق حلمها الذي بقيت متمسكة به.
أول ما يثير الدهشة في هذه الرواية هو براعة الوصف التي تميّز به الكاتب وكأنه عاش حياته في قرية “بونديريه”، قد يجعلك تحسّ بحرارة الشمس الحارقة التي كانت تلفح “سامية” وهي تركض بحماس شديد، وسيغمرك التراب الأبيض المتطاير من الشوارع.. وقد تحسّ بطعمه في لسانك، وقد تعطس لأنه دخل أنفك. يجعلك تعيش أحداث الرواية بكلّ تفاصيلها، فقد تغرق في البكاء أو الضحك لأنه يدمجك بلا وعي منك معها، لأن أسلوب الكاتب الجميل سيستميلك كما يفعل صاحب المزمار السحريّ مع الفئران، ستسير خلفه متشوّقا إلى النهاية.
وأنت تتصفحها، ستفهم أنّ الإنسانيّة الحقيقيّة لا تتطلّب أن نتشابه في الثقافات والمعتقدات لنحسّ ببعض، كل ما تتطلّبه منك هو أن تكون إنسانا فحسب. فقد كان الكاتب إيطاليّا لكنّه تمكن من وصف أزمة الصوماليّين ببراعة.. في رغبتهم الشديدة للهروب من هناك ولو كان ذلك بسفر غير شرعيّ أو ما يسمى بـ: “الرحلة”.. ستتعاطف بعدها مع اللاجئين لأنك ستدرك الظروف التي دفعتهم للجوء، وستسافر معهم في رحلاتهم وأنت تقرأ، وستصاب بالهلع معهم في كلّ دوريّة تفتيش.
قد تجوع وتتعب من الجلوس مرتصا مع عدد هائل منهم، وقد تقف من مكانك لتريح مفاصلك وتتأكّد أنك لست هناك حقّا، قد تعطش، وقد تكره الظروف التي جعلتهم يتعذبون لأنهم ولدوا في مكان كذلك المكان الذي تداولت الحروب والمجاعات والفساد على تشويهه ليصبح منفرا غير صالح للعيش فيه. وقد تدرك أن الكثير من المواهب والقدرات تتلاشى هناك وتختنق إلى أن تنطفئ شعلتها.
وقد تدرك أن السياسات القمعيّة والصراع على السلطة قد يتنكّر باسم الدّين والعرق، فقط لتمرير القوانين والمصالح الشخصيّة، وأن هذا قد يؤدي بأرواح أبرياء لا يستحقون ذلك. قد تتولد بداخلك رغبة شديدة لمدّ يد العون لمن طالتهم يد المجاعات القاسية، لكنّك ستفهم أن هذه الظروف كانت مجرّد عقبات أمام حلم سامية.. التي كانت تركض خلف حلمها و تبحث عنه في كل مكان رغم الأزمات.. لأنها كانت مؤمنة بحلمها.. في أحد حواراتها مع والدها كانت تخبره بحماس: “أتدري يا أبي؟ يمكن التنبؤ ببعض الأشياء. فأنا -ومنذ نعومة أظفاري- أعرف أنني سوف أصبح بطلة ذات يوم” فيجيبها بقهر من حطمته الحرب: هنيئا لك، يا صغيرتي سامية. أما أنا، فأود أن أعرف شيئا واحدا لا غير: متى سوف تنتهي هذه الحرب اللعينة”.. ستجدها تواصل بنفس طويل دون أن تترك لليأس مكانا ليقبع في أعماقها.
من وجهة نظر شخصية أظن أن الفضول الشديد سيتملكك لتعرف نهاية الأحداث.. ولن تندم أبدا على قراءة هذه التحفة الفنيّة المشوّقة.
تدقيق ومراجعة: عمر دريوش