بطاقة فنية للكتاب:
اسم الكتاب: Sapiens: A Brief History of Humankind
بالعربية: العاقل: تاريخ موجز للجنس البشري.
اسم الكاتب: يوفال نوح هراري – Yuval Noah Harari
عدد الصفحات: 448
سنة النشر: 2011
دار النشر: Harvill Secker
عن الكاتب: للقراءة عن المؤلف اِضغط هنا
عن الكتاب:
من هو الإنسان العاقل؟ وأيّ آلية هي تلك التي سمحت له بتسلق هرم جميع الكائنات الحية وبلوغ قمته؟ من أين أتينا وإلى أين سنمضي؟!
كلها أسئلة تتبادر إلى أذهاننا جميعًا بين الفينة والأخرى. يختصر بعضنا الطريق على نفسه فيختار الإجابات الجاهزة كالتي توفرها الأديان، أما بعضنا الآخر فيتجه نحو سلطة العلم بحثاً عن تلك الإجابات التي يقر العلم نفسه أنها إجابات لم تكتمل بعد.
في كتابه، “العاقل: تاريخ مختصر للجنس البشري” يختار المؤرخ (يوفال هراري) سلطة العلم حيث يجمع بين تخصصات، وحقائق علمية مختلفة، كالتطور، وتاريخ الحضارات ليروي لنا روايتنا، نحن، الإنسان العاقل، بأسلوب سلس بعيد كل البعد من تعقيدات المصطلحات والمفاهيم العلمية.
يركز يوفال على 4 محطات بارزة في تاريخ الإنسان:
-الثورة الفكرية والتي من المقدر أن تكون قد حدثت قبل 70,000 سنة، حيث كانت اللغة والأسطورة سلاح الإنسان العاقل بلا منازع. أدت هذه الثورة إلى الاِنتشار الواسع للإنسان في أرجاء الكرة الأرضية، وتسببت في اختلالات وتغييرات عديدة في السلاسل الحيوانية والبيئية.
من الأفكار البارزة والصادمة ربما للبعض والتي طرحها (يوفال) هي جزمه القاطع، أن الإنسان ما كان ليصل إلى ما وصل إليه، لولا الأساطير والقصص التي اختلقها يوما ما وآمن بها، حيث يقول: “الفرق الوحيد بيننا وبين قردة الشمبانزي هو ذلك الغراء الوهمي الذي يربط أعدادا هائلة من الأفراد، العائلات والجماعات. هذا الغراء قد جعل منا رواد الخلق”.
إن البشر لن يتفقوا إلا إذا وجدوا شيئاً مشتركاً بينهم، وهكذا، فإن الأديان، الأنظمة الإيديولوجية المختلفة، حقوق الإنسان، المال.. إلخ ماهي إلا قصص أسطورية وهمية تخدم مصالح الجماعات والحضارات نحو هدف توحيدهم تحت مظلة معتقد واحد.
-محطة العاقل الثانية جاءت قبل 11,000 سنة، حيث أدت الثورة الفكرية إلى حدوث الثورة الزراعية العظيمة، والتي انتشرت في أنحاء مختلفة من العالم في زمن متقارب نسبياً. أين سمحت للإنسان بمضاعفة مأكله مما أدى إلى حدوث اِنفجار كبير في النسبة السكانية: ” أكثر من 90% من السعرات الحرارية التي يعتمد عليها الإنسان اليوم هي نتاج النباتات القليلة التي اعتنى بها أسلافنا في خضم الثورة الزراعية”. يجادل (يوفال) أن الثورة الزراعية لم تكن، أبداً، حدثاً سعيداً في تاريخ البشرية، بل كانت قوة غيرت العالم بشكل “لم يتصوره أو يرده أحد”، وأنها رفعت من سقف حجم معاناتنا، بل ومعاناة جل الحيوانات التي رعاها أسلافنا. العيش بدون اطمئنان والاِعتماد الكلي على بضع نباتات جعل من الحرية حلما صعب تحقيقه.
-تعتبر المحطة الثالثة تلك الفترة الطويلة في التاريخ، التي تم فيها توحيد كبير للجماعات والحضارات، وبناء أنظمة سياسية لا تزال معتمدة إلى الآن. يناقش الكاتب العديد من المواضيع في هذا الفصل، منها ما يؤكد فيها على أن الطبقات الاجتماعية والتفرقة العرقية والجنسية هي من فعل الإنسان لا غير حتى يتسنى له التحكم بشكل أفضل في سيرورة المجتمعات والأنظمة، ويؤكد أيضاً على أن الحضارة الإنسانية تقترب بسرعة من حضارة عالمية واحدة، أين ستختفي الدويلات والحكام.
-في المحور الرابع، يناقش (يوفال) الثورة العلمية والتي بدأت قبل 500 سنة؛ حيث يلقي الضوء على تزايد إيمان الإنسان بإمكانية امتلاكه واِكتشافه لقوى جديدة من خلال البحث العلمي. يتطرق هذا الفصل أيضًا إلى أسطورة الرأسمالية والتي يعتبرها الكاتب ديناً مثل جميع الأديان: “تقول لنا النظرة الاستهلاكية أننا ولكي نعيش سعداء يجب علينا أن نستهلك المنتجات والخدمات قدر المستطاع، إذا شعرنا أن هناك خطباً ما أو شيئاً ما ليس جيداً، فإن علينا أن نشتري منتجاً (سيارة، ملابس جديدة، أطعمة عضوية)، أو أن نطلب خدمات من الآخرين (خدمة تنظيف المنازل، علاج نفسي للمتزوجين، دروس في اليوغا)، كل إعلان تشاهده هو أسطورة أخرى تقول لك أن اِستهلاكك (أو اِمتلاكك) لمنتج أو خدمة ما سيجعل حياتك أفضل”.
يطرح يوفال في نهاية الكتاب رؤية موضوعية لمستقبل الإنسان العاقل، والذي يعتقد بأن نهايته شارفت على الاِقتراب؛ إذ أنه وعن طريق العلم والتكنولوجيا سوف يخلق أبعاداً مختلفة وجديدة للحياة، مثل الذكاء الِاصطناعي، وسوف يصبح هو نفسه إله “التصميم الذكي”. إلا أنه يعود ليذكرنا أن مشكلة الإنسان العاقل، وبالرغم من قوته تكمن في أنه لا يعرف بوضوح ماذا يريد: “إنه لا يعلم أصلا ماذا يريد ليريد؛ أهناك إشكالية أكثر تعقيدا من آلهة ساخطة لامبالية لا تعرف حتى ما تريد؟”.
تدقيق لغوي: منال بوخزنة.
تعديل الصورة: عمر دريوش.