بطاقة فنيّة عن الكتاب:
اسم الكتاب: Sein Et Sauf.
اسم الكاتب: Ariane Goupil.
عدد الصفحات: 158.
دار النشر: Cent mille milliards.
تاريخ النشر: 01 ماي 2018.
اللغة الأصلية: الفرنسية.
عـن الكـاتـب:
أريان قوبيل، من مواليد جوادلوب. شغوفة بالأدب الكلاسيكي. عندما بلغت سن الثامنة عشرة غادرت كاليدونيا الجديدة إلى فرنسا من أجل الدراسة. تعمل حاليا كممرّضة بأحد مستشفيات جبال الألب. تعتبر هذه الرواية أوّل عمل أدبي يصدر لها.
بهذا المقتطف بدأت الكاتبة روايتها:
اليوم ، أنا أعاني من سرطان.
غداً أيضاً، على ما أعتقد.
بدا الطبيب أكثر انزعاجًا مني عندما أخبرني. خلف نظارته الفيروزية، بدا ضائعاً بعض الشيء. إنّه يافع جدًا ليعلن عن أشياء من هذا القبيل لأشخاص أصغر من أن يستمعوا إليها.
– لدي شيء مهم لأخبرك به اليوم، سيدتي.
– آنسة.
لقد امتنعت عن إضافة كلمات جدّتي إلى هذا “لا يزال لديّ جناحي”. شعرت أنه سيكون من غير اللائق.
– يجب أن تكوني قوية.
ما أغبى هذه الجملة.
لقد توّقف قليلاً أمام صمتي و حاجبي المرفوع. لقد قمت بفحصه دون اهتمام كبير بما قاله.
كم يبلغ من العمر؟ في مثل عمري؟ ربما أقل؟ أتذكر أنّي عددت التجاعيد على جبينه. بالكاد إثنين. أنا صار لدّي ثلاثة. لابّد أن يكون ذلك بسبب فتح عيون بشكل كبير.
انتهى بي الأمر أن أنظر إلى عينيه وكسر الجليد.
– أنا سأموت، هذا هو؟
ملّخص الرواية:
رواية “Sein et Sauf” قصّة حميمة و مغامرة انسانية محمّلة بالكثير من العواطف الصادقة لشابة تجد نفسها في رحلة اكتشافٍ للذات قبل اكتشاف الآخر، انطلاقاُ من مرض يتسرّب إلى جسدها ليعيث فيه فساداً. إنّها قصة معركة حاسمة بين الحياة و الموت، كلاهما يحاول أن يصرع خصمه ليكون النصر حليفه.
أومبلين هو اسم بطلة الرواية. شابة في مشارف الثلاثين من العمر، تعيش في شقة على واجهة البحر مع صديقة لها وقطّها أوسكار. شغوفة بالأدب اليوناني القديم والحديث، فاتّخذت من شغفها له وظيفة لها كمترجمة. تمارس حياتها بشكل عاديّ ما بين النزهات مع الأصدقاء وروتين الوظيفة والاعتناء بالجدّة.
يتّم تشخيصها بأنّها مصابة بسرطان الثدي، فينهار العالم من حولها. أول ما بدر منها كان الإنكار، كرّد فعلٍ طبيعيّ للاحتماء من وقع الصدمة. بـدلاً من أن تُكافح المرض من أجل التماثل للشفاء، تقّرر ألّا تفعل شيئاً على الإطلاق وألّا تصارح من حولها بحقيقة مرضها، إنّها تتصرّف على غير طبيعتها.
تتصرّف أومبلين بغرابة، فالمرض الذي شخّصه الأطباء ليس كأيّ مرض، فبالإضافة إلى أنّه مرضٌ خطير إلاّ أنّ خطره لا يكمن في أنّه قد يضع حدّا لحياة المريض فجأة. إنّما هو مرضٌ قد يُصيب الأنوثة في مقتل. هذا الشيء الثمين الذي تسعى كلّ امرأة في الحفاظ عليه مهما تقدّم بها السّن. هي الشئ الوحيد الذي لا يمكن للمرأة أن تتخلّى عنه مهما كلّفها الأمر في سبيل ذلك.
إنّها تقف أمام منعرج حاسم في حياتها. لحظةٌ تضعُها دون إرادتها في مواجهةٍ حاسمة مع أنوثتها وجها لوجه. مع الأمومة، والجنس الآخر (الرجل)، الماضي والمستقبل. بكلّ بساطة العلاقة مع الحياة بشكل عام. لقد فهمت لتوّها مدى افتقادها إلى علاقة تربطها بجسدها. كيف أنّها قللت من تقديرها لهذا الجسد الذي يعاني اليوم، “جسدي لم يعد ملكاً لي” تقول أومبلين بطلة الرواية.
تساورها شكوك كثيرة حول بقائها على قيد الحياة. رؤيتها للمستقبل أصبحت مشوّشة. المستقبل الذي كان مليئاً بالوعود تحوّل في لمح البصر إلى جحيم من اللايقين. لكن لا مفّر، لا بّد من أن نستمّر في المقاومة من أجل كلّ اللحظات السعيدة التّي من الممكن أن تُهديها لنا الحياة يوماً ما. علينا أن نبكي، لكنّ يمكننا أن نضحك أيضًا، نقاوم ولو على سبيل المحاولة من أجل متابعة السير في طريق محفوف بالشكوك.
رغم صعوبة الموضوع الذي تناولته الرواية، إلاّ أنّ الكاتبة عالجته بكثير من الطرافة وروح الدعابة، ربّما لتخفّف من حجم الألم الذي يحتوي عليه، فلا يُمكن أن نضيف ألماً إلى ألم، سيصير احتمال الوضع أكثر صعوبة.
كما يمكن أن نقول عن الرواية أنّها نسوية بامتياز، لأنّها تثير أسئلة مثيرة للاهتمام لا يمكن أن تجيب عنها إلاّ امرأة، فهي الوحيدة التي تملك القدرة على ذلك من منطلق صلّتها الوثيقة بأنوثتها. لا يعني هذا أنّ الرجل لا يمكن أن يتعاطف مع بطلة الرواية بل بالعكس سيشعر بوضعها و بوجعها لأنّ كلا الجنسين يشتركان في جوهر واحد، هو الانسانية.
كما لا يمكن ألّا ينتبه القارئ إلى التلاعب اللفظي الذي استعملته الكاتبة في عنوان روايتها إذ عنونتها بالفرنسية بـ ” Sein Et Sauf” بينما الأصّح أن يكتب ” Sain Et Sauf” وفي تلك الكلمة يكمن قولٌ كثير.
مقتطفات من الرواية:
“لقد حلمت أن الورم كان يخبرني بأن سرطاني لدي يرجع سببه إلى علاقتي بالأنوثة” قالت أومبلين.
جدّتها التي نجت من المرض تحاول إرجاعها إلى جادة الصواب “إن ثديك وشعرك لا علاقة لهما بكونك إمرأة أم لا. […] أن تكوني إمرأة، فهذا يـدور في رأسك، أنت إمرأة إذا قررت ذلك. حتى لو كنّا على وعي بذلك، فإنّ ذلك يتطلب الشجاعة لمواجهة نظرة الآخرين.”
جدة أومبلين لم ترتد أبداً ثديها الإصطناعي لإخفاء الثدي الذي تم إستئصاله لها. لقد دأبت دائماً على تحمّل مسؤولية المعركة التي تخوضها في مواجهة نفسها. إنّها تعرض الحفرة التي تحت كتفها مثل شيء يدعو للفخر. أخبرتني ذات يوم أنّ ذلك هو ثمن الحياة . إنّها ترفع ذقنها عندما ينظر الآخرون إلى ثديها الوحيد. إنها تتحمّل مسؤولية كلّ شيء دون ترّدد.
تدقيق لغوي: سماح قاسم