اعتُبر تشخيصُ سرطان الثدي صدمة للمرأة،إذ لا يمكن تشخيص هذا المرض إلّا عندما يكون الورم كبيراً بما يكفي لرؤيته أو الشعور به، وغالباً ما يؤدّي إلى الوفاة. لكن اليوم ومع ارتفاع معدلات البقاء على قيد الحياة (متوسّط عمر الفرد) إلى 98 ٪ والتّعرف المبكر على سرطان الثدي وعلاجه – غالباً قبل ظهور أيّة أعراض- أمرٌ يدعونا لكي نكون متفائِلين أكثر بالتقدم الكبير في هذا المجال.
فقد نشرت صحيفة الغارديان (the guardian) البريطانية آخر الإحصائيات عن انخفاض معدل وفيات النساء المصابات بسرطان الثدي في بريطانيا بنسبة 44 ٪ على مدى السنوات ال 30 الماضية، أي أنه تم تجنب أكثر من 130.000 حالة وفاة بسرطان الثدي في المملكة المتحدة خلال العقود الثلاثة السابقة.
وسنتطرق في هذه المقالة (بنظرة تاريخية) إلى هذا التقدم في التشخيص وطرق الكشف المبكر عن سرطان الثدي والذي ساهم في رفع معدل البقاء على قيد الحياة منذ ستينات القرن العشرين.
أما الطرق التي تم استخدامها فهي كثيرة متنوّعة على مر السنين منها:
1) التصوير الشعاعي للثدي القياسي:
اكتسب التصوير الشعاعي للثدي التشخيصي شعبية بعد عام 1967 مع إدخال معدات خاصة بالأشعة السينية للثدي. وفي ذلك الوقت كان الغرض من التصوير الشعاعي للثدي – مثَله في ذلك مثَل التصوير بالرنين المغناطيسي اليوم – هو إجراء مزيد من التحليلات للعيوب التي تم تحديدها بالفعل. كما أدت التحسينات في تكنولوجيا المعدات وإنشاء وحدات مخصصة لتصوير الثدي بالأشعة خلال الثمانينيات والتسعينيات إلى جعل الصور الشعاعية للثدي أفضل بشكل أكبر. وقد تم اعتماده حالياً كأكثر الطرق فاعليّةً للكشف عن سرطان الثدي بدون أعراض. بالإضافة لذلك يتفق معظم الخبراء على أن فحص التصوير الشعاعي للثدي مفيد لجميع النساء من سن ال(40)وما فوق.
2) الموجات فوق الصوتية:
بدأ الأطباء في استخدام الموجات فوق الصوتية في أواخر سبعينيات القرن المنصرم لتحديد ما إذا كان الكيس الثديي المكتشف بالفعل صلبًا أم سائلاً ، مما ساعد في التشخيص بشكل كبير.
3) التصوير الشعاعي للثدي الرقمي :
تم تقديم التصوير الشعاعي للثدي الرقمي في أوائل التسعينيات ويتميز بتقديم صور أكثر تفصيلا وأسهل تخزينا للمقارنات المستقبلية، لكنه لا يزال غير متاح في كافة المستشفيات و تكلفته باهظة. وتشير الأبحاث إلى أن التصوير الشعاعي للثدي الرقمي يفيد بشكل رئيسي النساء اللائي تقل أعمارهن عن 50 عامًا، وكذلك النساء المصابات بأنسجة ثديية كثيفة لأن الأنسجة مع القليل من الدهون نسبيا يمكن أن تحجب الشذوذ في التصوير الشعاعي للثدي القياسي.
4) التصوير بالرنين المغناطيسي:
أوصت جمعية السرطان الأمريكية (ACS) بالرنين المغناطيسي السنوي للنساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة كبيرة في عام 2007، ولكن الإجراء مكلف ومتوفر فقط في المدن الكبرى الأمريكية، ويعتبر غير عملي حيث لا يمكنه الكشف عن التقلبات الدقيقة، والتي في بعض الأحيان هي العلامة الوحيدة للسرطان في وقت مبكر. كما لهذه الطريقة عيبٌ آخر هو أن التصوير بالرنين المغناطيسي لا يمكن أن يميز دائماً السرطان من الشذوذات الحميدة (غير السرطانية)، مما يؤدي إلى مزيد من الخزعات – وهو إجراء يستخدم لإزالة عينة (عينات) من أنسجة ورم مشتبه به ليتم فحصها.
5) التصوير الشعاعي الثلاثي الأبعاد:
تقنية جديدة معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA أو USFDA) الأمريكية في عام 2011، من مميزات هذه التقنية صور أوضح مع الآمال في تحديد المزيد من السرطانات وتخفيض عدد صور الثدي الشعاعية المتكررة إلى النصف.
6) الفحوصات السريرية للثدي:
يفضل أن يكون الفحص السريري للثدي كل سنة إلى ثلاث سنوات من سن ال (20) وبشكل سنوي بدءاً من سن (40). وقد يوصى بإجراء فحص سريري للثدي بشكل متكرر أكثر إذا كان هناك تاريخ عائلي قوي بسرطان الثدي. وقد شجعت الجمعية الكيميائية الأمريكية ( ACS) سابقًا فحوصات الثدي السريرية السنوية من قبل الطبيب إلى جانب الفحص الذاتي للثدي (BSEs)، وفي عام 2015 قاموا بتحديث الإرشادات ليقولوا إنهم لم يعدوا يوصون بفحص الثدي السريري للكشف عن سرطان الثدي بين النساء المعرضات للخطر في أي عمر.
وفي الأخير أصبح لدى الأخصائيين الآن أدوات أكثر تحت تصرفهم وهم أكثر اندماجا في رعاية المرضى من أي وقت مضى. مع تحقيقهم ابتكارات تكنولوجية إضافية واستمرار أخصائيي تصوير الثدي بالتقدم في خبرتهم.
ومن المتوقع أن يظل التصوير الشعاعي للثدي محوريًا في جهود الكشف المبكر عنه.
تدقيق لغوي: محمد عيسى