مراجعة كتاب العلاج السلوكي للطفل “أساليب ونماذج من حالته”

بطاقة فنية عن الكتاب:

اسم الكتاب: العلاج السلوكي للطفل: أساليب ونماذج من حالته.

اسم الكتّاب: د. عبد الستار إبراهيم
د. عبد العزيز بن عبد الله الدخيل
     د. رضوان ابراهيم

الناشر: عالم المعرفة.

سنة النشر: 1993.

عدد الصفحات: 305.

عن الكُتّاب:

ثلاثة من خبراء الصحة النفسية والعلاج السلوكي، يقدمون لنا -من خلال خلفياتهم الأكاديمية وخبراتهم العلمية في الممارسة العلاجية في العالم العربي- بلورة نظرية وعملية عن دور هذا الاتجاه في علاج عدد متنوع من اضطرابات الأطفال ومشكلاتهم السلوكية بما فيها القلق، والمخاوف المرضية والاكتئاب، والميول الانتحارية، والتخريب، وإيقاع الأذى بالنفس، والعدوان.. إلخ.

عن الكتاب:

تعتبر مرحلة الطفولة من أهم مراحل نمو الإنسان إن لم تكن القاعدة الرئيسية. إنها المرحلة الحرجة التي يجب على البالغين من الأمهات والآباء والمعلمين اكتساب معرفة كافية للتعامل معها بشكل فعّال. حيث استهلّ الكُتّاب كتابهم الثريّ “العلاج السلوكي للطفل: أساليب ونماذج من حالته” بتوجيه القارئ لحقيقة أن السلوك الإنساني يخضع في غالبيته لعوامل مكتسبة، وأن السلوك المرضي يكتسب نتيجة لأخطاء في التعامل مع الطفل، وهنا يجعلنا نتساءل، هل سلوكياتنا التي نتبعها مع أطفالنا تعكس صحّة نفسيّةً وسلوكيّةً لهم؟ في هذا الكتاب شرح علمي مفصل وكذا نماذج واقعية وحالات تم علاجها بطرق وأساليب عملية لضبط سلوك الطفل، حيث يعرض خطوات العلاج التي بالإمكان إتباعها والاستفادة منها.

ركز المعالجون على ضرورة أن تكون مسؤولاً عن أفعالك أمام طفلك، لأن أفعالك بلا شك ستنعكس على طفلك، هذه الاستراتيجية في اكتساب السلوك تدعى “التعلم الاجتماعي أو التعلم بالملاحظة لـ العالم باندورا”، يتعلم الأطفال من الشخص الذي يعتبرونه “قدوة” لهم.

كان العلاج السلوكي في محاولاته الأولى مرتبطاً بنظرية التعلم لبافلوف، لكنه الآن علماً متعدد الأوجه، من مسلماته الرئيسية عدم إرجاع السلوك الى صراعات طفولية مبكرة أو أي عوامل فيزيولوجية، والتركيز على علاج الأعراض في صورتها الراهنة (عكس التحليل النفسي)، أيضاً يقوم المعالج بالبحث عن الشروط التي أحاطت بالتعلم المرضي وهي الأسباب التي إذا أمكن إزالتها تحقق العلاج ص34.

حيث يُعرف العلاج السلوكي على أنه شكل من أشكال العلاج، يهدف الى تحقيق تغيرات في سلوك الفرد، تجعل حياته وحياة المحيطين به أكثر إيجابية وفاعلية. قام المعالجون بعرض مشكلات واضطرابات الطفل ص21، حيث صنفت الى فئات رئيسية: مشكلات متعلقة بالنمو: التخلف العقلي أو الدراسي، مشكلات النمو اللغوي، صعوبات التعلم ومشكلات متعلقة باضطراب السلوك: الإفراط الحركي، العدوان، تشتت الانتباه، التخريب، الانحرافات الجنسية. ومشكلات القلق: القلق الاجتماعي، قلق الانفصال، تحاشي أو تجنب الاحتكاك بالآخرين. والاضطرابات المتعلقة بسلوك الأكل والطعام: الهزال أو النحافة المرضية، النهم، السمنة، التهام المواد الضارة. واللوازم الحركية: نتف الشعر، مصالأصابع، قضم الأظافر. واضطرابات الكلام واللغة: التهتهة، البكم، الحبسة الصوتية. وكذا اضطرابات أخرى: ذهان الطفولة، الخ.

أكد المعالجون أنه يقتضي علينا التمييز بين التصرفات التي تمثل جزء من مقتضيات النمو، والتصرفات التي تعتبر حقاً اضطرابات سلوكية وذلك بتقديم جداول تحوي التصرفات والمهارات النمائية التي يستوجب توفرها عند الطفل من بداية أسابيعه الأولى وحتى بلوغه الـ15 سنة.

وبسلاسة لغوية تخاطب كلاً من القارئ المتخصص والمبتدئ، تحدث الدكاترة عن حالات تم علاجها محلياً باستخدام العلاج السلوكي، نماذجٌ مفصلة لأطفال مضطربين سلوكياً، مدعمين ذلك بخطتهم العلاجية التي اتبعوها معهم، من بينها خطة لعلاج التخوف من المدارس، خطة لتشجيع الانتباه والتغلب على فرط الحركة، وخطة للتغلب على التبول اللاإرادي. ومن الحالات المذكورة -حالة الطفل الخجول المنعزل ص193، حالة الطفلة المذعورة ص197، حالة لطفل ذكي متخلف في دراسته ص203، إيقاع الأذى بالنفس “حالة الطفل ذي الحكة الدامية” ص189.. إلخ-.

وذلك بناءاً على نظريات التعلم التي شملت -التعلم الشرطي لـ “بافلوف”، والتعلم الفعال الاجرائي لـ “سكينر”، وكذا التعلم الاجتماعي لـ “باندورا” والتعلم المعرفي ص44-.

حيث تتضمن إجراءات الخطة العلاجية ست خطوات أساسية ص135، شملت التحديد النوعي للسلوك المراد علاجه، وقياس تواتر السلوك ومقدار شيوعه (حيث تجد في الكتاب استمارات متنوعة كل واحدة وغرضها، تساعد الوالدين والمعالجين لمتابعة الأطفال) وايضاً في الخطة يجب تحديد السوابق (أي الظروف المحيطة بالطفل عند ظهور السلوك غير المرغوب فيه) واللواحق (وهي الاستجابات البيئية بعد ظهور السلوك غير المرغوب فيه). بالنسبة للعلاج ركزوا على آليات متعددة، كل حالة وآليتها، كالتدعيم والعقاب، التجاهل، وآلية لعب الأدوار لـ “أرجايل”. وأشاروا أيضاً للوقت الذي يستلزم تجاهل الطفل فيه، كما اعتمدوا طرق سلوكية في العقاب من بينها “الإبعاد المؤقت”. لم يشجع الدكاترة في العقاب الضرب أبداً لما له –كما وضّحوا- من أضرار جسيمة في صحة الطفل النفسيّة والسلوكيّة.

كان من بين الأساليب العلاجية المثيرة، هو تعديل أخطاء التفكير أو ما يسمى بالعلاج السلوكي المعرفي، كما ذُكر في الكتاب: “لم يعد مقبولاً اليوم أن نعالج اضطرابات الطفل ومشكلاته دون محاولة لعلاج طريقة تفكير الطفل في الأمور واتجاهاته نحو نفسه ونحو المواقف التي يتفاعل معها”، والتعديل يشمل توقعات الطفل السلبية عن نفسه، مواجهته لبعض المشاكل لقصور معرفته، (فقط لأنه لا يعرف ما التصرف الصحيح، يقع في مشكلة).

برغم أن الكتاب صدر في ديسمبر 1993، إلا أن الحالات والمشكلات التي طرحها مازالت متداولة في وقتنا الحاضر، لأسباب عدة تتمثل في قلة الوعي بمجال العلاج السلوكي للطفل، وندرة هذا النوع من المؤسسات العلاجية، وكذا قلة وعي -أغلب- الآباء والأمهات من جهة أخرى، لأن من النادر في عالمنا العربي أن تجد أماً أو أباً يقرأ كتاباً عن كيفية التعامل مع الطفل، (قائمة كتبها إن وجدت فلن تتضمن غير كتب الطبخ، وقائمة قراءاته الجرائد والأخبار اليومية، ومعلومات كليهما -الأم والأب- عن التربية غير مدروسة وربما غير صحيّة حتى)، إنّ البعض مشكلتهم العظمى تعليم أولادهم جدول الضرب والقواعد وتعنيفهم بسبب ذلك، وبهذا يكتسب ابنهم منهما العنف فيعنف إخوته، وتستمر الحلقة المفرغة.

كتاب “العلاج السلوكي للطفل” مؤلف بشكل استثنائي للأمهات والآباء والمعالجين السلوكيين، الأشخاص الذين يتعاملون مع الأطفال بشكل عام، وكذا المهتمين بدراسة هذا العلم، هذا الكتاب بعيد عن التجريد وبه محتوى شامل، فائق الأهمية وقابل للتطبيق خطوة بخطوة.

تدقيق لغوي: لوتس ناصر

كاتب

الصورة الافتراضية
Samah Qacem
المقالات: 0

اترك ردّاً