بطاقة فنيّة للكتاب:
- العنوان: وجهة العالم الإسلامي –المسألة اليهودية-
- المؤلف: مالك بن نبي.
- تقديم: عمر مسقاوي وعمر رضا.
- إصدار: دار الوعي.
- الطبعة الأولى.
- سنة النشر: 2013.
- عدد الصفحات: 109.
عن الكاتب:
مفكّر جزائريّ، مهندسٌ، ومهتمٌ بالدراسات الاجتماعية، وأحد رموز الحركة الإصلاحية في الجزائر. كتب غالب إنتاجه بالفرنسية، وتُجرمت كتبه للعربية.
من كتبه: شروط النهضة، الظاهرة القرآنية، الفكرة الأفريقية الآسيوية، القضايا الكبرى، مشكلة الثقافة، ميلاد مجتمع والكتاب الذي بين أيدينا وغيرهم.
عن الكتاب:
فَرَغ الأستاذ مالك بن نبي من آخر كلمات هذا الكتاب يوم 22/01/1952 ولكنّه امتنعَ عن الإفراج عنه حينها، حتّى قرّر عمر مسقاوي الوصيّ على أعمال مالك بن نبي نشره يوم 22/01/2012، أي بعد ستين سنة كاملة من حجبه.
عندما نعلم بذلك نغوصُ في أغوار سؤال دائم: كيف يمكن لفكر هذا الرجل أن يتماشى مع واقع الألفية الجديدة؟ وكيف له أن يعلم أنَّه بعد ستين عاما سيُتّخذ من مؤلفاته مراجعا تُنير عقول الأجيال الجديدة، خاصة وأن سنواتنا عرفت الكثير من التغيّرات.
غير أن كتاب وجهة العالم الإسلامي وعلى غرار باقي مؤلفات بن نبي صالحٌ لكل زمان، إذ تتمكن من لمس مجمل الحقائق المتعلّقة بمعطيات الواقع الجديد باختلاف متغيراته. أفكار بن نبي المتناسبة مع الألفية الجديدة، والتي يراها الشباب اليوم بمثابة الضماد لكل الجروح التي فتحت لديهم العديد من التساؤلات، والتي جالت في العراء باحثة عن إجابات تريحها علّها تلملم ما تبقى منها. خاصة أننا في عصر يتسابق ويتكالب فيه الكثيرون على صب الملح على الجروح، بنفس الطريقة التي يصب فيها التيه على التساؤلات ذات توجه منطقي لإحالتها عكس مجرى الحقيقة الشاملة والوافية.
يعد هذا الكتاب بمثابة الانطلاقة التي قام بها مالك بن نبي في دراسته ومعالجته للمشكلة اليهودية أو كما قال أ. عمر مسقاوي، مشروع مالك بن نبي لمعالجة القضية اليهودية. حيث قدّم المؤلف هذه الدراسة كامتداد لما كتبه في الجزء الأول من وجهة العالم الإسلامي، والذي جاء كاختصار لدراسة داخلية حول العالم الإسلامي. أين أولى آن ذاك اهتماما كبيرا للقابلية للاستعمار وتمعن في شرحها. في حين يعد هذا الكتاب بمثابة دراسة خارجية ركزت على القضية الإسلامية في اطارها العام ، كما قامت بتسليط الضوء على عالم ما بعد الحرب العالمية 2، التي تبلورت خلالها الهوية اليهودية، أين اتخذت لنفسها مكانا عالميا. وهو ما تناوله بن نبي من خلال فصلين كاملين محاولا الإجابة عن الأسئلة المطروحة حول الهيمنة اليهودية. مبرزا من خلال الدراسة كيف قام اليهود ببناء دولتهم معتمدين على استثمار في مجمل الأحداث التي مروا بها على مر السنين الماضية. وكيف استطاعوا التأثير في اوروبا حتى نالوا مراكز القرار والدور العالمي.
كما تناولت الدراسة أيضا ما يعرف بالحياد الإسلامي والنتائج المقارنة للشكل الذي رست عليه طريق القضية اليهودية، وما آلت له ايضا القضية الإسلامية في عصرنا الحديث. حيث نجد أن هذين الأخيرين يسيران في اتجاهين متعاكسين تماما. وهذا يظهر جليا بعد ستين سنة من تأليف الكتاب بالضبط في زماننا الحالي والذي تهوي فيه القضية الإسلامية للأسف الشديد نحو الأسفل بسرعة كبيرة. خاصة بعد تفكك رابط الوحدة العربية والإسلامية وتشتتها مرة أخرى إلى دويلات تعيش منفردة في عالمها الخاص أين تفقد يوما بعد يوم أبرز معالم هويتها لصالح الغرب. والتي تعد أحدث صور العبودية التي تصب دائما في مصالح الغرب. في حين أن القضية اليهودية تعيش أسمى مراحل ازدهارها بعدما بسط لها الغرب أسمى سبل الازدهار السياسي، المالي والعسكري دون استثناء أي من المجالات الأخرى. وهو ما يعيدنا دائما إلى إعادة طرح الفكرة القائمة أن ما يكتبه الرجل صالح ليناسب مختلف متغيرات العصر الحالي الذي نعيشه.
قد يرى الكثيرون أن هذا الكتاب مرحلي، خصوصا أنه تحدث عن تنبؤات تخص مراحل معينة خلال فترات محددة مضت. وذلك إذا ما تم تناول ما كتب بمعناه الحرفي أي ما يُقرأُ فقط من خلال السطور دون التمعن خلفها وهذا يظهر واضحا جليا في سطور عديدة تضمنتها عدة فصول نذكر منها التنبؤ بسقوط الإتحاد السوفياتي وفقا للمعطيات الموجودة آن ذاك. إلا أن القارئ لما تحمله السطور من معاني ضمنية يستطيع تأكيد أنَّ ما يكتبه بن نبي مطابق للواقع الذي نعيشه اليوم بحذافيره، بنسبة كبيرة
. ويظهر هذا جليا في الحالة التي آل لها المجتمع الاسلامي والصورة التي تمكن الفرد اليهودي من رسمها لنفسه وتحقيقها على أرض الواقع. ولعل ما قد يجده القارئ مميِّزا للكتاب هو ما قدمه بن نبي من شرح وافي ومعلومات ذات مصداقية مرجعية حول اليهود . كانطلاقة يجب أن يعرج عليها القارئ لفهمها جيدا حتى يتمكن من فهم المشكلة اليهودية فيما بعد.اذ قدم في هذا الجزء اجابة واضحة لمشكلة الدراسة، فالتعرف على المشكلة اليهودية والفرد اليهودي عن كثب يجعلنا نتعرف على طريقة تفكيره وتعاطيه مع مختلف المسائل.
إعداد: قواجلية سمية
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي