إنّ التّعرض للعنف، سواء كمتلقٍّ أو كمتفرّج، يمكن أن تكون له عواقب سلبية بعيدة المدى على الأطفال.
يتعرض الأطفال للعنف في العديد من البيئات، بما في ذلك في المنزل أو المدرسة أو عبر الإنترنت أو في الأحياء، وفي أشكال متنوعة مثل البلطجة أو المضايقة من جانب أقرانهم، العنف المنزلي، سوء معاملة الأطفال والعنف المجتمعي. الأمر الذي يمكن أن يضر بنمو الطفل العاطفي والنفسي وحتى الجسدي. فمن المرجح أن يواجه الأطفال المعرضون للعنف صعوبةً في المدرسة أو يدمنون المخدرات أو الكحول ويتصرفون بعنف، ويعانون من الاكتئاب أو غيره من مشاكل الصحة العقلية و/أو النفسية ويمكن أن يشاركوا في السلوك الإجرامي كبالغين.(1)
وقد يصل بهم الأمر إلى الانتحار، ففي دراسة نشرتها الدورية الأمريكية للطب النفسي “American Journal of Psychiatry” أجرى باحثون مقارنة بين أدمغة 78 شخصًا انتحروا وحُفظت عيِّناتُها. فاكتشفوا انخفاضًا في سُمك غلاف “المييلين” للألياف العصبية عن الطبيعي بأدمغة مَن تعرضوا لمعاملة سيئة في الطفولة.
تكشف الدراسة أيضا أن:
المحنة التي نتعرض لها في مرحلة مبكرة من الحياة، قد تعطل بشكل دائم مجموعةً من الوظائف العصبية في القشرة الحزامية الأمامية للمخ، وتؤدي دورًا بارزًا في عمليات صنع القرار وإدارة المشاعر والعاطفة.(2)
أطفال الأمهات المعتدى عليهن أكثر عرضة بنسبة 50 ٪ لانخفاض معدل الذكاء:
تشير نتائج البحث الذي أجراه علماء الأوبئة في جامعة مانشستر البريطانية، إلى أن أطفال النساء اللائي أبلغن عن العنف المنزلي أثناء الحمل أو خلال السنوات الست الأولى من حياة الطفل أكثر عرضة بنسبة 50٪ تقريبًا للإصابة بمعدل ذكاء منخفض في سن الثامنة.
في الدراسة كان لدى 13٪ من الأطفال الذين لم تتعرض أمهاتهم للعنف المنزلي معدل ذكاء يقل عن 90 في عمر 8 سنوات.
إذا تعرضت أمهات الأطفال للعنف البدني سواء أثناء الحمل أو خلال السنوات الست الأولى من حياة الطفل، يرتفع الرقم إلى 22.8٪.
أظهر الفريق برئاسة الدكتورة كاثرين أبيل (Kathryn Abel) من جامعة مانشستر أن فرصة انخفاض معدل الذكاء ترتفع إلى 34.6 ٪ إذا تعرضت الأم للعنف المنزلي بشكل متكرر.
وهذا يعني أن الأطفال يعانون عندما تعاني أمهاتهن بشكل متكرر من العنف المنزلي خلال فترة الحمل، وتكون السنوات الست الأولى من حياة الطفل أكثر عرضة بثلاثة أضعاف بانخفاض معدل الذكاء عند بلوغ 8 سنوات من العمر.
يتم تعريف معدل الذكاء المنخفض على أنه معدل حاصل الذكاء أقل من 90، حيث يعتبر معدل الذكاء الطبيعي 100.(3)
دراسة جديدة تكشف أداةً لتقييم الأطفال المعنَّفين:
وفقاً لدراسة جديدة من كلية جاك وجوزيف ومورتون ماندل للعلوم الاجتماعية التطبيقية في جامعة كيس ويسترن ريزيرف (CASE univ) الأمريكية، واحد من كل خمسة أطفال في مقاطعة كوياهوغا بأوهايو، إما يتعرضون للعنف والصدمات أو يقعون ضحية له.
ووجد باحثون من مركز بيجون لبحوث وتعليم الوقاية من العنف في مدرسة ماندل في عينة متنوعة من 676 من الأطفال المعرضين لمخاطر عالية حتى سن السابعة، أن هؤلاء الأطفال يواجهون صعوبة في النوم على الأقل في بعض الأحيان (16 %)، أو قد يبكون بشدة أو يتعرضون لنوبة غضب حتى الإرهاق (16 %) وصعوبة التركيز (16 %)، وهي نسبة أعلى بكثير من المعتاد. وكانت مستويات التعرض للعنف والإيذاء مرتفعة أيضا.
ولحل هذا الإشكال عمل الباحثون على تطوير أداة جديدة لتحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى اهتمام من الخدمات الاجتماعية بسرعة وبشكل موثوق.
وقال الدكتور دانييل فلانيري (Daniel J Flannery) مدير مركز بيجون في مدرسة ماندل: “لقد تلقينا ردودَ فعلٍ بأنه لم يكن هناك فرز سهل الاستخدام متاح لتقييم هؤلاء الأطفال، لذلك قمنا بتطوير قائمة فرز“.
تم تصميم قائمة فرز الأسئلة المكوَّنة من 22 سؤالًا لتقييم الأطفال -وليس تشخيصهم- في غضون بضع دقائق. لكن هذه الإجراءات تستغرق وقتًا أطول، وقد تكون باهظة الثمن وتتطلب تدريبًا متخصصًا للإدارة.
وقال فلانيري “وجدنا أن فرزنا صمد، الفكرة هي أنه يمكن إكمالها بسرعة وإدارتها من قبل موظفين مدربين على الأقل في النظم العامة والوكالات المجتمعية، والذين يمكنهم إحالة الأطفال والأسر إلى خدمات التقييم والعلاج اللازمة“.
توقع فلانيري أن تبدأ منظمات الخدمة الاجتماعية على المستوى الوطني بمشاركة 70 منظمة وطنية في استخدام جهاز فرز الأصوات. والخطوة التالية هي تحليل بيانات الأطفال من سن 8 إلى 18 عامًا.(4)
المصادر:
- https://nij.ojp.gov/topics/articles/children-exposed-violence
- https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/news/small-scale-violence-leaves-its-mark-on-brain-functions/
- https://medicalxpress.com/news/2019-11-children-abused-mothers-iq.html
- https://phys.org/news/2019-12-social-sciences-tool-exposure-childhood.html
تدقيق لغوي: كرنيف ربيحة.