مراجعة رواية أيام النّوافذ الزّرقاء

بطاقة تعريفية بالكتاب:

العنوان: أيام النوافذ الزرقاء.
اسم الكاتب: عادل عصمت.
عدد الصفحات: 136.
دار النشر: الكتب خان.
أول سنة للنشر: 2009.

بطاقة تعريفية بالكاتب:

عادل عصمت: روائي مصري من مواليد عام 1959، تخرّج من كلية الآداب قسم الفلسفة. له العديد من المؤلفات منها مجموعة قصص قصيرة بعنوان “قصاصات“، بالإضافة إلى عدة روايات، منها: “أيام النوافذ الزرقاء” والتي حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 2011، و”حكايات يوسف تادرس” الحائزة على جائزة نجيب محفوظ للأدب عام 2016، و”صوت الغراب”، “حالات ريم”، “الرجل العاري” والوصايا التي وصلت للقائمة القصيرة للبوكر عام 2019.

عن الكتاب:

كانت البلد في حالة حرب وقد دهنوا النوافذَ باللون الأزرق.

رواية أيام النوافذ الزرقاء تدور في آخر ثلاث حروب لمصر ثم ما بعدها حين دهن الجميع النوافذ بالأزرق لتجنّب الغارات، فيها مواضيع مختلفة؛ فهي ترصد البنية الاجتماعية في ذلك الوقت وتحلّلها، كما تحلّل شعور الغربة والاغتراب الفعلي بالسّفر وترصد تأثير الحرب على نسيج المجتمع وعلى حياة الناس العادية، حياة العامة المصرية وأثر الموت عليهم وأثر نيل أحد أفراد بيتك الشهادة. الرواية تدور أيضًا حول الحرية والحب وذكريات طفولية والخلفية السياسية لتلك الفترة؛ من قبض تعسّفي من الشرطي ومن معاهدة السلام وغيرهما.

لم تعد لجدتي غير الصّورة الذهنية التي يكوّنها كلٌّ منا لها. لم تعد لها إلا تلك الصورة الشخصية الخاصة بكل فرد على حدة. كم تتعدد وتنقسم الأرواح عندما تغادر عالمَنا، ويكون لها هذا الوجود الحيوي الحر في أن تظهر كما تشاء. إنها هناك تهب في أحلام كلٍّ منا وفي تداعياته كتقطير حي لزمن قديم. لم يكن هناك مفرٌّ من الاعتناء بحقيقتها الخاصة في خواطري الشخصية، لم يتبقّ غير أن يحاول المرء أن يعثر على روحها الضائعة، التي أصبحت جزءا من روح كل منا: خالي “نبيل” في ألمانيا و”محمد” و”أفراح” في كندا وأنا هنا في إمارة الشارقة وخالي “محمود” هناك في طنطا. لكن “سهام” بنت خالتي “سميرة” لن تستطيع أبدا أن تشكل صورة حقيقية للجدة، لم يكن لديها غير الحكايات فقد ولدت بعد موتها ولم تر صورة شخصية لها.

تقوم الجدة التي تحضُر طوال الرواية، ولا يمنعها موتٌها، محملةً بالهموم بدور فعال في تشكيل ووصل الرواية، والبيت الذي شكل الوطن للجميع.  كما اعتاد عادل عصمت على جعل للبيت مركزًا حاضرًا، كما في حياة مستقرة، وفي الوصايا، جعل نسيج العائلة الواحدة شيئا بارزا في أعماله وفي سرد تفاصيل حياتهم المتشعّبة. فهنا رغم سفر الجميع، لكن لكل منهم حكاية تخصه؛ لفؤاد وموته حكاية تلقي بظلها على حكايات أخرى، وللجدة حكاية، وللراوي حكاية تتشكل من حكاية صغيرة تخصه ومن حكايات الجميع. فالحكايات تدور في دائرة محكمة؛ كما هو أسلوب عادل الفريد، ومنه يحلل التفاصيل والأحداث الصغيرة وحياة كل شخصية بالدخول في أعماقها. وهنا الموت له حضوره من أول صفحة، موت أم الراوي والجدة وموت فؤاد. الموت هو شخص حاضر كما أن للكلّ انتصاراتٍ وهزائمَ ندرك من خلالها مفاهيم كل شخص النفسية المعقدة التي يبسطها عادل ببراعة.

إنّ الأيام يمكن أن تُلغى.. ويبقى مقياس السّاعات صالحا لوصف الزمن.

الموتى أحياء في هذه الرواية، بينما البيت الواحد لا يجمع أحدًا، ومن هنا يمكن سرد ذكريات الطفولة ومرح الشباب حتى الكبر والمرض، مرحلةٌ متكاملةٌ ودورةُ حياةٍ للرّاوي توضّح من خلال حكايته حكايات الجميع وحكاية المجتمع في تلك الفترة. حلم الهجرة وبابها المفتوح الذي كان يُستغَلّ بشكل سريع. خوف الأم من عدم عودة ابنها للأبد، خصوصية البيوت والحكايات المرحة المفعمة بالبراءة والحب الذي يطغى بقوة بحكاياته. الرواية تحمل عشرات المفاهيم والمعاني التي تدور سويًّا لأنها ببساطة تدور حول حكايات أفراد، لكل فرد معنى، تنتهي بصورة الطائر؛ الرمز والرؤية التي توحي بالموت وربما بالحرية أيضًا!

تدقيق لغوي: كرنيف ربيحة.

كاتب

الصورة الافتراضية
Marwan Mohamed Hamed
المقالات: 0

اترك ردّاً