بطاقة فنية عن الكتاب:
اسم الكتاب: الغرق – حكايات القهر والونس
اسم الكاتب: حمور زيادة
دار النشر: دار العين للنشر
سنة النشر: 2018
عدد الصفحات: 266
عن الكاتب:
مدوّن، كاتب، صحفي وروائي سوداني، مواليد عام 1977م بمدينة أم درمان بالخرطوم. اشتغل بالعمل التطوعي والمجتمع المدني لفترة ثم توجه للعمل العام والكتابة الصحفية، كتب بالعديد من الصحف السودانية المستقلة، الجريدة، أجراس الحرية و اليوم التالي، بالإضافة إلى تولّيه مسؤولية الملف الثقافي بصحيفة الأخبار السودانية لينتقل بعد ذلك إلى الصحافة المصرية. صدر له عدة أعمال: “سيرة أم درمانية” (مجموعة قصصية، 2008)، “الكونج” (رواية، 2010)، “النوم عند قدمي الجبل” (مجموعة قصصية، 2014)، فازت روايته الثانية “شوق الدراويش” بجائزة نجيب محفوظ للأدب عام 2014 بالإضافة إلى أنها رُشحت للقائمة الطويلة للبوكر عام 2015، و تعد رواية الغرق -حكايات القهر و الونس- آخر رواية صدرت له عام 2018.
عن الكتاب:
الغرق! دائماً ما كان الشكل المعروف للغرق مرتبطاً بالماء، هكذا استهلّ حمور زيادة روايته هذه بجثةٍ غريقةٍ غريبة طفت فجأة على الضفة الغربية لنهر النيل حيث قرية حجر نارتي باسطةً أطرافها. تلك القرية الغارقة في حكايات القهر والأنس.
“تبدو البلاد كما لو صُنعت في صدفة ما. بلا خطة واضحة وعلى عجل. ولمحبة مجهولة، أو اختبار ما، منحتها السماء نهرا من الجنة أسمته النيل”.
بلغة شاعرية رقيقة وأسلوب سلس خفيف معتمدا على تقنية الانتقال بالزمن (الفلاش باك)، رصد لنا الكاتب تلك البيئة الصحراوية البدوية في الفترة الممتدة بين عشرينات وستينات القرن الماضي، حيث لا سلطة فوق سلطة العرف ولا قوة تضاهي قوة عادات وتقاليد القبيلة. بإيجاز وافي أورد حمور زيادة التاريخ السياسي للسودان إبان تلك الفترة من تداعيات الحكم البريطاني-المصري المشترك إلى استقلال السودان، وذلك عام 1956م مرورا بالصراعات الطائفية والحزبية بعد ذلك لتولي زمام الحكم الذي كان للعسكر نصيبٌ منه حيث شهدت السودان أكثر من انقلاب عسكري. بالإضافة إلى أن الكاتب أشار أيضا للتضييقات التي تعرض لها الحزب الشيوعي والشيوعيون. حتى حجر نارتي كانت لها صراعاتها الخاصة، و قد كان أبرز تلك الصراعات صراع “آل الناير” و “آل البدري” ذلك الصراع الضارب في التاريخ، لعقود حاول فيها “آل البدري” انتزاع العمودية من “آل الناير” الذين كانو مستعدين للتضحية من أجلها أياً كان الثمن. كبيضةٍ بقدر ما كان يبدو عليه هذا الصراع صلبا فقد كان من الداخل هشا جداً، فبرغم الاختلافات المتباينة بين كل من “آل الناير” و “آل البدري” والتي كانت تبدو بشدة من خلال التوجهات السياسية والمذاهب الدينية لكل منهم إلا أنهم لم ينسوا يوماً أن لهم جداً مشتركا وأصلاً واحداً. هذا الجد الذي لم يشاركهم العبيد ولا الغجر إياه. فكانوا دائما ورغم كل شئ أدنى مرتبة منهم، حتى بعد قانون إلغاء العبودية للعبيد لم يتغير شيء فعلي في واقعهم.. لازال العبيد يعتبرون عبيدا ولازالوا يدينون بالولاء. نفس اللعنة التي أصابت “عز القوم” الأمة الجدة بقيت تلاحق ابنتها “فايت ندو” إلى حفيدتها “عبير” رغم عتقهما. “إلغاء الرق لا يجعلها حرة. هي فقط لم تعد أَمَة رسمية”. لقد كانوا غارقين في عبوديتهم. كما كانت “الحاجة الرضية” زوجة العمدة “محمد سعيد الناير” غارقة في جبروتها و تعصبها، كان “البشير سعيد الناير” غارقا في حب “سكينة بنت البدري”. “أفلتي قلبي و دعي لي القليل من الحياة”. “سكينة” تلك الحلوة زي حلاوة القرطاس،” من لم يرَ سكينة بنت البدري لم يرَ جمالا”. أما “فاطمة” فقد كانت غارقة في حزنها على ابنتها “سعاد” ولازالت تنتظر أن يلفظ النيل جثتها رغم مرور الكثير من السنين على ابتلاعه لها. “يقال أن بحر النيل إذا لفظ غريقا اتبعه من الغرقى القدامى الذي تمسك بيهم سابقا”. حتى العمدة “محمد سعيد الناير” كان غارقا في حياة لا تشبه تلك التي كان يريد أن يعيشها. “الأسرة أهم من كل شيء، أهم من رغبات المرء و رأيه. مصلحة الجماعة تحدد ما يجب أن تحبه و تحلم به” هكذا كان الغرق في حجر نارتي حيث تروى حكايات القهر لتكون ممتعة بذلك القدر الذي يجعل منها حكايات عظيمة للأنس. “في الأنس لا يهم ما حدث. إنما يهم أن تكون الحكاية ممتعة حين تروى”.
تدقيق لغوي: حفصة بوزكري