الإسم: كوينتن تارانتينو Quentin Tarantino.
تاريخ الميلاد: 27 مارس 1963.
مكان الميلاد: نوكسفيل، تينيسي، الولايات المتحدة الأمريكية.
الوظيفة: مخرج.
– سيد تارانتينو، بناءً على أفلامك، توجّب علي سؤالك، هل أنت مهووس بأقدام النساء؟
لا أخجل من ذلك، إن فكرت في المخرجين الذين تم اِتهامهم بكونهم مولعين بالأقدام، لوقع الذكر على ألفرد هتشكوك*، على لويس بونويل** أو صامويل فولر***- إنهَّا عُصبة جيدة بالفعل. وذلك يدل على أنهم كانوا صنّاع أفلامٍ جيّدين لأنهم عرفوا أين يركّزون عدسة الكاميرا. أعتقد أن القدمين والمؤخرة تحصلان على وقت متساوٍ إلى حدٍّ كبير بأفلامي.
– تماما كالعنف.
أنا أسرد حكاياتي وأفعل ما أجيده فحسب. أحب المعالجة داخل الأصناف والولوج إلى الأصناف الفرعية. الأصناف التي كنت أتعامل معها تحتوي على مواد إثارة وعنف -سواء كانت أفلام الجريمة، أو أفلام الكونغ فو، أو أفلام الساموراي، أو أفلام تقطيع، أو أفلام مطاردة السيارات -لذا فمن الطبيعي أن تجرّ نفسها للعنف. عندما يتعلّق الأمر بسينما “الإثارة”، فإن هذه الأصناف تجرّ نفسها لسينما العنف التي تثير القلب. أحب ذلك. ولكن في حالة جاكي براون****، فالأمر لا يتعلّق بالعنف، بل بالشخصية.
– ما هي وصفتك لكتابة مثل هذه الشخصيات الحية؟
إجابتي هذه ليست استظرافا على الإطلاق، أنا كاتب، هذا ما أفعله. مهمة الكاتب تقتضي ألّا يكتب عن نفسه فقط، بل النظر لباقي الإنسانية وإستكشافها -أسلوب الناس الآخرين في الكلام، العبارات التي يستعملونها. وعقلي أشبه بالاسفنجة. أستمع لما يقوله الجميع، أشاهد نوعا من السلوك المتفرّد، يخبرونني نكتة فأبقيها في ذاكرتي. يخبرونني قصة مشوقة من حياتهم فأبقيها في ذاكرتي.
– وإذا لم تتذكرها؟
إذا فمن الأرجح أنها لا تستحق التذكّر. الأمر هو، أنّها موجودة هناك -سواء مرّت ستة أشهر أو خمسة عشر عاما، عندما أشرع في كتابة شخصيَّاتي الجديدة، يصبح قلمي أشبه بالهوائي، يحصل على تلك المعلومة، وعلى بغتة تُستحضر تلك الشخصيات بشكل يقارب شكلها النهائي المكتمل. لا أكتب حواراتهم، بل أجعلهم يكلمون بعضهم البعض.
– لنعد إلى العنف، ما الذي تخاف منه شخصيا؟
خوفي الأول ببساطة -الخوف الوحيد الذي لدي بالأحرى- هو من الفئران.
معقول!
إنه الشيئ الوحيد الذي يمكن أن أسميه موهنا. لو كان هناك فأر على هذه الطاولة، كنت لأقفز في حضن إحدى الفتيات. من الممكن أن أصعد فوق كتفيها وأصرخ كالعاهرة.
“أنا لا أنوي صناعة الأفلام للأبد.”
– هل لديك كوابيس؟
لم أعاني من الكوابيس منذ وقت طويل جدا. حين تكون طفلا صغيرا وترى كابوسا، تهرب لسرير والديك، لكن والدتي كانت صارمة معي. لما بلغت سنّا معينة أعادني والداي لسريري الخاص، لأدرك بعدها أني فقدت رفاهية الكوابيس للأبد، لأني لن أستطيع الهرب لوالدتي مجددا. لذلك توقفت عن رؤيتها بعد ذلك غالبا.
– هل ترغب في أن يكون لديك أطفال يوما ما، أو أنهم سيمتصّون طاقتك الخاصة بصناعة الأفلام؟
سنرى ما سيحدث، لكنني لا أنوي صناعة الأفلام للأبد. أريد التوقف عند بلوغي حوالي الستين سنة.
– هل أنت متأكد من ذلك؟
لا، ولكنها جزء من الخطة. لا أريد أن أغدو شيخا صانعا للأفلام، يصنع أفلامَ هرمٍ ولا يعلم متى يتوجب عليه التوقّف. لا أريد إفساد جعبة أفلامي بمجموعة من أغراض شخص كبير في السنّ. من الممكن أن أغيّر رأيي. إذا أردت صنع فلم -يمكنني ذلك- بسن الـ 62، فسأفعل ذلك. لكنّني أرغب في إبقاء الحلقة مظفرة. أريد من هذا الرجل، هذا الرجل الذي يقف أمامك الآن، أريد منه أن يكون الشخص الذي يصنع أفلاما، وليس كبش فداء. بذلك الوقت سأفضل الكتابة وأصبح رجل حروف. يؤلف كتبا سنيمائية، يؤلف روايات، ينجب أطفالا.
– كم تُقدِّر عدد الأفلام التي شاهدتها في حياتك؟
ليس لدي أدنى فكرة، لا أستطيع التخمين. لكن لما كنت أبلغ من العمر ما بين 17 و22 سنة، كنت قد اِعتدت على عمل قائمة لكل الأفلام التي شاهدتها في سنة محددة بقاعات السينما. إن كان إصدارا جديدا أقوم بتحويط الرقم. وأختار أفلامي المفضلة وأكافئها بشكل ما. لطالما كان العدد نفسه ذلك الوقت، ما بين 197 و202 فلما. كنت مُفلِسا في ذلك الوقت وكنت أدفع لأجل تلك الأفلام من مالي الخاص. بالعودة لشراهتي في الأفلام، 200 كان متوسط ما شاهدت سنويا.
– أظن أنه من السليم القول أن الرقم مرتفع. ماهي الأفلام الثلاثة المفضلة لديك؟
تسألني اليوم، بهذه الحالة المحدّدة، سأخبرك بثلاثة. تسألني غدا، أو بعد ستة ساعات من الآن، ستكون إجابتي مختلفة.
“أفلام السير الذاتية ليست سوى أعذارا كبيرة للممثلين للظفر بجوائز الأوسكار. إَّنها سينما فاسدة.”
– إذا ماهي الآن؟
سأقول “أبوت وكوستيلو يقابلان فرانكشتاين Abbott and Costello Meet Frankenstein”، شاهدته عندما كنت طفلا صغيرا وأصبح المفضل لدي بذلك الوقت. جزء من السبب كان مزج الأصناف –أفعال أبوت وكوستيلو مضحكة للغاية، وعند ظهور وحش فرانكشتاين فذلك مرعب نوعا ما. لم أكن أدرك أنني كنت أميّز بين الأصناف عندما كنت أبلغ خمس سنوات، لكني كنت كذلك. هذا ما كنت أقوم به طوال حياتي المهنية، مزج الأصناف معا. سأختار كذلك فلم “سائق التاكسي Taxi Driver”. “لِماذا؟” من الصعب قليلا الإجابة. لا يمكن تلخيص قوة الفلم في جملة أو اِثنتين. سأقول أنَّها، على الأرجح، الدراسة الأكثر قصصية وتعقيدا لشخصية بتاريخ السينما. فقط في الروايات تجد شخصية تُعامل بذلك الشكل. وهو فلم ممتع للغاية في نفس الوقت. توجد بعض المشاهد المضحكة بفلم سائق التاكسي. أما آخر فلم، كما سأقول دوما، هو “الطيب، الشرير والقبيح The Good, the Bad and the Ugly”.
– هل يوجد صنف لا يعجبك؟
لا أحب كل شيء. أحب الأفلام التاريخية، ولكنني لست من المعجبين بالدراما التاريخية. صنف آخر لا أكن له أدنى اِحترام، وهو السير الذاتية. ليست سوى أعذارا كبيرة للممثلين للظفر بجوائز الأوسكار. إنها سينما فاسدة.
– لماذا؟
حتى الأشخاص الأكثر إثارة للاِهتمام -إذا كنت تروي قصة حياتهم من البداية إلى النهاية، فسيكون فلما مُملّا للغاية. إذا قمت بذلك، فإنه يتوجب عليك صنع نسخة كتاب قصص مصورة لحياتهم كاملة. مثلا إن كنت تقوم بصنع فلم عن ألفيس برسلي***** Elvis Presley، لا تصنع فلما يتحدث عن حياته كاملة. بل اِصنع فلما عن “يوم واحد”، عن اليوم الذي دخل فيه برسلي إلى صن ريكوردز Sun Records. اِصنع فلما عن اليوم بكامله الذي يسبق دخوله إليها، وينتهي الفلم عندما نعبر ذلك الباب. ذلك هو الفلم.
– إذا قاموا بصنع فلم عن حياتك -هل سيكون مملا كذلك؟
قد أشعر بالإطراء، ولكنني لن أشاهده.
تدقيق لغوي: عمر دريوش.
المصدر: هنا
الهوامش:
*ألفريد هتشكوك: منتج ومخرج أفلام إنجليزي، يعتبر واحدا من ألمع صانعي الأفلام في تاريخ السينما، كان رائداً في العديد من التقنيات والتشويق والإثارة نفسية في الأفلام.
** لويس بونويل: مخرج إسباني ،عمل في إسبانيا، المكسيك، فرنسا والولايات المتحدة. يعتبر واحدا من خيرة المخرجين في تاريخ السينما.
*** صامويل فولر: مخرج سينمائي، ممثل، كاتب سيناريو، منتج أفلام وروائي من الولايات المتحدة الأمريكية.
****جاكي براون جاكي براون (بالإنجليزية: Jackie Brown) هو فيلم جريمة تم إنتاجه في الولايات المتحدة وصدر في سنة 1997. الفيلم من سيناريو وإخراج كوينتن تارانتينو، وبطولة بام غرير، صامويل جاكسون.
*****ألفيس برسلي***** Elvis Presley (ولد 8 يناير 1935 – توفي 16 أغسطس 1977) هو مغني وكاتب أغاني وممثل أمريكي راحل. يعتبر أحد أهم الرموز الثقافية في القرن العشرين، وغالبا ما يشار إليه باسم “ملك الروك آند رول” أو بشكل أبسط “الملك”.