جيريمي وودي عن الحياة في سجون الولايات المتحدة، كما أخبر كريستي تومسون.
عندما كنت في سجن ولاية جورجيا عام 2013، سمعت عن صف يسمى “الدافع إلى التغيير”. أعتقد أن الأمر يتعلق بتغيير طريقة تفكيرك. أنا لست متأكدًا بالفعل، لأنني لم أتمكن أبدًا من حضوره. في اليوم الأول، كانت قاعة الدراسة ممتلئة، وكانت المعلمة تسأل عن اسم الجميع. عندما جاء دوري، كان علي أن أكتب اسمي على قطعة من الورق وأعطيها لرجل لينطقه بالنيابة عني. كتبت لي المعلمة رسالة على قطعة من الورق: “هل أنت أصم؟“
قلت: “نعم، أنا أصم“.
ثم قالت لي أن أغادر القاعة. انتظرت في الخارج لبضع دقائق، وخرجت المعلمة وقالت: “عذرًا، الصف ليس مفتوحًا للصم. عد إلى المهجع.”
لقد غضبت. سألت العديد من الصم الآخرين في السجن عن ذلك، وقالوا أن نفس الشيء قد حدث معهم. منذ تلك اللحظة، بدأت في رفع الشكاوي. استمروا في إنكارهم بالطبع. في كل صف آخر – صف مبادئ علوم الحاسوب، التدريب المهني، وبرنامج إعادة التأهيل – كنت أصل إلى هناك، يدركون أنني أصم، ويطردونني. شعرت أنه في كل مرة طلبت فيها خدمة، كانوا يقولون، “اللعنة عليك، لا، لا يمكنك الحصول على ذلك.” كنت فقط أسأل عن الاحتياجات الأساسية؛ لم يكن لدي طريقة للتواصل. ولكنهم كانوا ببساطة يرفعون إصبعهم الأوسط في وجهي.
بينما كنت في السجن لم يكن لديهم مترجمي لغة الإشارة الأمريكية (ASL). لم يكن أي من الموظفين يعرف لغة الإشارة، لا الأطباء ولا الممرضات، قسم الصحة النفسية، الإدارة، القسيس، غرفة البريد. لا أحد! في صالون الحلاقة وفي قاعة الطعام، لم أتمكن من التواصل مع النزلاء الآخرين. عندما تعرضت للاعتداء، لم أستطع استخدام الهاتف للاتصال بقانون القضاء على الاغتصاب في السجون (وهو قانون اتحادي يهدف إلى مكافحة الاعتداء الجنسي في السجن) للإبلاغ عما حدث. وعندما أرسلوا أخيراً شخصاً ليجري مقابلة معي، لم يكن هناك مترجم. كل مكان ذهبت إليه تقريبًا، لم يكن هناك من يجيد لغة الإشارة. حقاً، لقد كان الحرمان.
قابلت العديد من الأشخاص الصم أثناء وجودي في السجن. لكننا كنا جميعاً في مهاجع منفصلة. كنت أود اللقاء بهم وتبادل أطراف الحديث معًا بلغة الإشارة. ولكني كنت معزولاً. كانوا يحتجزوننا أحيانًا مع أشخاص مكفوفين، الأمر الذي جعل التواصل مستحيلًا بالنسبة لي. لم يتمكنوا من رؤية إشاراتي أو إيماءاتي، ولم أتمكن من سماعها. أخيرًا زنزاني مع نزيل أصم لمدة عام تقريبًا. كان من الرائع أن تكون قادرًا على التواصل مع شخص ما. ولكن بعد ذلك تم إطلاق سراحه ووضعوني مع شخص أعمى آخر.
من الصعب وصف الغضب والضراوة.
عندما التقيت بطبيب السجن، شرحت له بأنني بحاجة إلى مترجم للغة الإشارة خلال اللقاء. رفضوا ذلك، وقالوا بأن علينا التواصل بالكتابة. طلب مني الطبيب قراءة شفاهه. في حين أني لا أملك مستوى عالي من مهارات القراءة والكتابة، لذا فإن من الصعب علي الكتابة بالانكليزية. أعني، لغتي هي لغة الإشارة الأمريكية. هكذا أتواصل بصفة يومية.
توقفت عن الذهاب لمراجعة الطبيب، لأنه لم يكن لدي وسيلة لشرح ما يجري. إزدادت صحتي سوءاً. اكتشفت لاحقاً بأني مصاب بالسرطان. عندما توجهت إلى المستشفى للتخلص منه، أحضر الطبيب مترجماً وشرحوا كل شيء بلغة الإشارة. لم أفهم، لماذا لم يفعل السجن الأمر ذاته منذ البداية؟ عندما عدت إلى السجن، كان رأسي مزدحماً بالأسئلة حول الأدوية التي كان من المفترض علي تناولها. لكني لم أتمكن من سؤال أي أحد.
طلبت خدمات الصحة النفسية. كانت هنالك مستشارة اسمها جوليا وكانت غاية في اللطف وبذلت ما في وسعها لتخبر آمر السجن كيف أني كنت بحاجة إلى مترجم لغة الإشارة. رفض الآمر ذلك.كانوا يرغبون بتوظيف أحد السجناء في المنشأة لهذه المهمة والذي إعتاد على أن يكون مترجماً كونه نشأ في منزل حيث والديه أصمين. لكن جوليا شعرت بأن هذا الأمر غير مناسب بسبب شؤون الخصوصية. أحياناً كنا نحاول استخدام الترجمة عن بعد باستخدام الفيديو، لكن الشاشة غالباً ما كانت تتوقف. لذا عادةً ما ينتهي بي الأمر بكتابة مشاعري على الورق. لم يكن لدي الوقت لترجمة مشاعري. لم أتمكن من التعبير عنها بوضوح.كتابة كل ذلك على الورق يستغرق قسطاً كبيراً من الوقت، قد أكون هنالك لمدة 30 دقيقة، ولا أملك ما يكفي من الوقت لكتابة كل شيء أود قوله. إنتهى الأمر بجوليا بتعلم بعض من لغة الإشارة. لكن ذلك لم يكن كافياً.
إن مشكلاتي في التواصل في السجن تسببت بالكثير من المشاكل مع الحراس أيضاً. في إحدى المرات، كنت نائماً ولم أنتبه بأن وقت تناول الطعام قد حان. توجهت إلى الحارس وقلت: “هي، يا رجل، لم تخبرني أبداً بأنه كان وقت تناول الطعام.” كنت أتواصل مع الحارس بالكتابة، وأخبرني بأنه لا يستطيع الكتابة لأن الأمر يعد تواصلاً شخصياً، وكان ذلك مخالفاً لسياسة السجن بأن يقيم الحراس علاقات شخصية مع السجناء. حدث الأمر مراراً. كان علي أن أكون حذراً أيضاً حيال كتابة الملاحظات للضباط، لأن الأمر بدا وكأنني واشٍ بالنسبة للسجناء الآخرين ممن يتمتعون بحاسة السمع.
وفي إحدى المرات قدموا بي إلى محكمة تأديبية، لكنهم كبلوا يداي بالأصفاد خلف ظهري، لذا لم يكن لدي وسيلة للتواصل. كان اثنان من موظفي الإصلاحيات في الغرفة يتحدثان معي. كل ما رأيته هو تحركات شفاههم. كما رأيت ضحكات. كان أحد الحراس رجلاً لطيفاً في الواقع، فهو أحد اولئك الذين كانوا ينوون كتابة الأمور لنا نحن الصم. حاول أن يحملهم على إزالة الأصفاد عني. كتب، مذنباً أم لا؟ لكن الآخرين لم يزيلوا الأصفاد. رغبت بطلب مترجم. لكني لم أستطع. قالوا، “حسناً، ليس لديك ما تقوله؟ مذنب.” جعلني الأمر أستشيط غضباً. بدأت بالصراخ. هذا كل ما امكنني فعله. أرسلوني إلى الزنزانة، وبكيت بلا هوادة. من الصعب وصف الغضب والضراوة.
السجن مكان خطر للجميع، لكن الأمر ينطبق على الصم خاصةً
“تحدث وودي إلى منظمة “مارشال بروجيكت” عبر مترجم لغة الإشارة الأمريكية. لكن إدارة الإصلاحيات في جورجيا لم تستجب لطلب التعليق على الإدعاءات الواردة في المقابلة”
تدقيق لغوي: حفصة بوزكري