بطاقة الفلم:
العنوان: Dead Poets Society
الإخراج: Peter Weir –بيتر وير
الممثلون الرئيسيون:
Robin Williams روبن ويلياز
Ethan Hawke إيثان هوك
Robert Sean Leonard روبرت شون لينارد
Josh Charles جوش تشارلز
Gale Hansen جيل هانسون
سنة الإصدار: 1989
الجوائز: الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي
عن الفلم:
نحن لا نقرأ الشعر ونكتبه لأنه ظريف. نحن نقرأ الشعر ونكتبه لأننا كائنات بشرية. والجنس البشري مليء بالعواطف. الطب، المحاماة، إدارة الأعمال والهندسة، هذه كلها وظائف نبيلة وضرورية لأجل ديمومة الحياة. ولكن الشعر، الجمال، الرومانسية، والحب، هذه هي الأشياء التي نعيش لأجلها. ولأقتبس من ويتمان هنا “حدثيني يا روحي! يا حياتي! عن هذه الأسئلة المكررة؛ عن سيل اللامؤمنين الجارف. عن مدن مملوءة بالحمقى؛ فماذا أفعل وسطهم، يا روحي! يا حياتي؟” والجواب هو أنك هنا- أن الحياة موجودة ويمكن عيشها؛ أن المسرحية العظمى ستستمر وربما يمكنك أن تساهم بقصيدة. أن المسرحية العظمى ستستمر وربما يمكنك أن تساهم بقصيدة. وماذا ستكون قصيدتك تلك؟
يتناول الفلم حياة مجموعة من الطلبة الذين يعيشون في مدرسة داخلية منضبطة وحازمة جداً. وكيفية تغير حياتهم بعد دخول “مستر كيتينغ “- (روبن ويليامز) أستاذ اللغة الإنكليزية حياتهم. فكيتينغ يمثل كل ما لا تمثله هذه المدرسة وكل الأفكار التي حاولت الأعراف الاجتماعية والتربية الحكيمة منعها من الوصول إلى هؤلاء المراهقين. كيتينغ يمثل التمرد والحرية والحب والشجاعة. ببساطة هو يمثل الطبيعة البشرية كما يجب أن تكون.
رغم ذلك فهذا الفلم ليس عن كيتينغ بقدر ما هو عن الطلاب أنفسهم، فكل واحد منهم يمثل صفة من تلك الصفات وصراعه لأجل الحفاظ عليه، أو حتى لبث الحياة فيها.
فريتشارد” جيل هانسون” أو كما يحب أن يسميه الناس بنواندا هو المتمرد الكاسر للقوانين الذي نذر روحه لإزعاج السلطة، إنه الشاعر البشوش الذي لا يدع فرصة إلا وانتهزها لكي يبدي فرادته وتميزه. وهنا يبدأ الصراع بينه وبين المدرسة.. فأيهما سيكسر الآخر ويفوز في هذا الصراع الأبدي ما بين الفرد والسلطة.
ونيل “روبرت شون لينارد” ذلك الشاب المجتهد المطيع لوالده الصارم الذي يملي عليه كل شيء وما يجب أن يكون عليه في المستقبل، ضارباً عرض الحائط أماني نيل بأن يكون ممثلاً. فلمن ستكون الغلبة في هذا الصراع الثاني والأزلي أيضاً بين الحرية والعبودية، بين روح الشباب وبين النظام الأبوي الذي يحاول السيطرة على كل شيء، بين الشاب الذي يريد أن يعيش حياته كما يحب وبين الأب الذي يريد لولده أن يعيش بطريقة صحيحة ذات مستقبل مضمون.
نوكس “جوش تشارلز” ذلك العاشق الولهان. فنوكس ولكي نضع الأمور في كلمات بسيطة “قد وقع في الحب” ليس على الطريقة المعقدة للأفلام والكتب -حيث أعجب بها وتشاجرا ثم سافرا عبر الزمن، ثم تزوج حفيدتها ثم عاد فأدرك أنه يحبها أو شيء من هذا القبيل- لا، فنوكس دق الباب وفي اللحظة التي فتحت فيها الباب وقع. لقد اختبر نوكس ذلك الحب الذي لطالما سمعنا عنه، ذلك الشيء الذي كتب عنه الشعراء مجلدات ومجلدات وحاولنا تقليده وخلقه لقرون عدة، لقد حالف نوكس الحظ فقد وجده يقف في انتظاره خلف الباب. فهل سيحصل عليه، هل سيملك الشجاعة لكي يعترف بحبه لهذه الفتاة؟
أما أخيراً وبالتأكيد ليس آخراً، تود “إيثان هوك” هذا الفتى الخجول الذي يعيش في ظل أخيه الناجح المتفوق الرياضي، الذي يخبره الجميع أنه سيكون رائعا مثل أخيه يوماً ما. ولكنه ببساطة لا يريد أن يكون مثل أخيه، إنه يريد أن يكون ذاته، إنه يريد أن يكون تود. يعاني تود من الخوف، الخوف من أن كلماته ليست ذات قيمة وأن لا أحد مهتم بسماع ما يريد قوله. فصراعه على خلاف أصدقاءه ليس مع نظام أو شخص خارجي، بل صراعه مع روحه وذاته والصورة التي رسمها لنفسه.
كيتينغ : أغلق عينيك، أغلق عينيك! أغلقهما تماماً! والآن صف لنا ما ترى.
تود: أنا-حسناً أنا أغلق عيني
كيتينغ: نعم
تود: و-وهذه الصورة تطوف من حولي
كيتينغ: المجنون ذو رائحة الفم الكريهة
تود: المجنون ذو رائحة الفم الكريهة ونظرة تسحق عقلي
كيتينغ: ذلك رائع! الآن، حركه – اجعله يقوم بشيء ما!
تود: ي-يمد يديه ويخنقني.
كيتينغ: أحسنت! رائع، جيد.
تود: وهو يتمتم طوال الوقت.
كيتينغ: بماذا يتمتم؟
تود: يتمتم الحقيقة.
كيتينغ: نعم، أكمل
تود: حقيقة تشبه- تشبه اللحاف الذي يترك أقدامك باردة دوماً.
(الطلاب يضحكون)
كيتينغ: اِنسهم، اِنسهم! اِبق مع اللحاف. حدثني عن هذا اللحاف!
تود: ت-ت-تدفعه، تمدده، ولكنه لا يكفي أبداً. تركله، تضربه، ولكنه لن يغطي أياً منا. فمنذ اللحظة التي ندخل فيها باكين- إلى اللحظة التي نخرج فيها ميتين، فهو لن يغطي سوى وجوهكم بينما تبكون وتنوحون وتصرخون.
(توقف طويل ثم تصفيق حاد من الطلاب)
كيتينغ: لا تنسَ هذه اللحظة في حياتك.
يحاول كيتينغ في هذا الفلم أن يحرر طلابه من النمط الميكانيكي الذي يعيشون فيه. فهو يدفعهم للتفكير والرؤية والاستماع والضحك والرقص والركض.. وأهم شيء أنه يدعوهم للعيش. الجميع يرى الطلاب كما لو أنهم مجرد بذور عليهم هم “البالغين” تنشئتهم وتوجيههم نحو مستقبلهم المشرق حيث يكونون رجال أعمال ومحامين ناجحين. ولكن كيتينغ وكيتينغ وحده من ينظر أليهم كما لو أنهم بشر، كائنات حية مساوية في الوجود للبالغين ومن حق هؤلاء الفتيان أن يعيشوا كبشر، كأحرار كما يريدون هم.
يمكن القول أن فكرة الفلم تتمركز كلها حول جملة واحدة يرددها كيتينغ وتلامذته وهي” Carpe diem“ والتي تعني “عش اللحظة” وهي جزء من قصيدة للشاعر اللاتيني هورس حيث يقول “عش اليوم ولا تقلق حول الغد”. فهذه الكلمة تلخص جميع الشخصيات والأحداث والأفكار في هذا الفلم.
وهكذا ينشئ مجتمع الشعراء الأموات وهو عبارة عن تجمع من الطلاب الذي يجتمعون في كهف خلف المدرسة حيث يرددون الأشعار القديمة والحديثة وحتى أشعارهم الخاصة، حيث يرقصون ويضحكون ويشربون، حيث “يعيشون اللحظة” ويجربون معنى أن تكون بشرياً وحراً من كل قيد. إنه مكان حيث يمكنهم أن يكونوا ما يشاؤون ويرتبطون بالطبيعة. فالجميع يمكنهم أن يدرسوا إدارة الأعمال والهندسة والمحاماة، ولكن كم من شخصٍ يمكنه أن يقف في وسط الغابة ويصرخ بأعلى صوته. فمن يمكنه أن يضحك أو يبكي ملء قلبه في وقتنا هذا؟
بغض النظر عن ما يقوله أي شخص لكم، ولكن الكلمات والأفكار يمكنها تغيير العالم.
في بداية الفلم وفي أول لقطة يظهر مجموعة من الطلاب أثناء مراسيم استقبال الطلاب الجدد. وهذه المراسيم يمكن وصفها بالدينية أو العسكرية لصرامتها ودقتها، فهي تبين مدى جدية هذه المؤسسة ومدى انضباطها. وفي النهاية ينتهي الفلم بواحدة من أشهر اللقطات في تاريخ السينما حيث يقف الطلاب فوق مقاعدهم الدراسية تمرداً على الناظر ورفضاً لقراراته في إشارة لسقوط سلطة الموروث وانبثاق عهد جديد، إنه عهد الشعراء الأموات.
في النهاية سأدعكم من القصيدة الرسمية التي تقرأ في بداية كل اجتماع من مجتمع الشعراء الأموات المقتبسة من كتابات ديفيد هنري ثورو:
لقد غصتُ في أعماق الغابة،
لأني أردت أن أعيشَ متعمدا.
لقد أردت أن أعيشَ بعمق،
أن أرضع لُبَّ الحياة…
لكي أسحقَ كل ما ليس بحياة؛
ولكي لا أكتشفَ عند موتي،
أني لم أعش حياتي.
تدقيق لغوي: حفصة بوزكري