إنّها تعرف ذلك: ” قد يبدو من الغريب أن تجد المواساة في كتاب عن الحداد والحزن”. عندما سألت لوموند مونيكا سابولو، أثناء الوباء، ما هو كتابها المُفضل ردّت إنّه كتاب “سنة التّفكير الساحرة” للأمريكيّة جوان ديديون. وأشارت إلى أنّها كانت تتوقف أحيانًا عند السطور الأولى، حيث تقول “الحياة تتغير بسرعة. تتغير الحياة في الوقت الراهن. نحن نستعد لتناول العشاء والحياة كما نعلم إنّها تنتهي. مسألة الشفقة على الذات.”
تُوج كتاب عام التّفكير السحري ” كتاب العام 2006″ في الولايات المتحدّة بجائزة الكتاب الوطني، تروي جوان ديديون عن السنة التي فقدت فيها زوجها وعندما غرقت ابنتها في الغيبوبة. يحاول الكاتب الهروب إلى “التّفكير السحري” بينما نحن، القرّاء، نبقى في التحليل الحازم للحداد. مونيكا سابولو على حق، تنقل القصّة قوّة لا تصدق، قوة الهديّة في مشاركة تجربة عالميّة، في حب الزوجين غير القابل للتدمير، في الكتابة كحماية ضدّ الجنون.
نهاية ديسمبر 2003. تزوج الكاتبان “جوان ديديون” و”جون جريجوري دون” لمدّة أربعين عامًا. عائدين من المستشفى، حيث تقع ابنتهم في غيبوبة تتبع الالتهاب الرّئوي وهم على وشك الجلوس لتناول العشاء. جون جريجوري دن على كرسيه المعتاد بجوار المدفأة. يشرب شراباً، ويقرأ كتاباً. ثم أصيب بنوبة قلبيّة… إغاثة، مستشفى، وفاة.
العقلانيّة و”التّفكير السحري”.
جوان ديديون مثقفة وعقلانيّة، ومع ذلك، الكاتبة على قيد الحياة لمدّة عام، من خلال إنشاء فكرة سحريّة. تنتظر جوان ديديون عودة جون جريجوري دون. ترفض أن تتصدق بحذائه. إذا عاد سيحتاج إلى حذائه للذهاب به إلى العالم. إنّها تدرك سخافة الفكرة، لكن حقيقة أنهّا تدرك ذلك لا تجعلها تختفي. من الخارج، تبدو طبيعية مثل امرأة فقدت زوجها وفي الداخل، تنتظر عودته وتخشى أنّها لن تجد عقلها بعد الآن. لأنّ هدفها أن يعود زوجها. مع وفاة جون جريجوري دن، أصبحت جوان ديديون، لأوّل مرّة في حياتها، تجربة حميمة مع عدم تقبّل الفكرة.
تكتب جوان ديديون: “عندما تكون الأوقات صعبة، علمتني منذ أن كنت صغيرة، المعرفة هي السيطرة”. تقرأ لفرويد ، لميلاني كلاين ، لسي إس لويس، توماس مان، ماثيو أرنولد، فيليب أريس. الروائيّون والأطباء النفسيون والشعراء والمؤرخون وعلماء الأنثروبولوجيا الاجتماعيّة. “اقرأ، تعلم، راجع، اذهب إلى النّصوص. المعرفة هي السيطرة”. كانت واثقة من قدرتها على السيطرة على الأحداث حتّى مات زوجها. غالبًا ما ينصحها جون جريجوري دان: “لمرّة واحدة في حياتك، استرخي”. تضطر جوان ديديون إلى ترك الأمور تسير، لأنّها لم تعد تسيطر على الكثير. هل القراءة تساعد على العيش؟ تُظهر جوان ديديون كيف أّنّ القراءة والعقل لا قيمة لهما في ذلك الوقت، لكنّهما يساعدان على العيش بعد ذلك. بمجرّد أن تنتهي الصدمة، علينا أن نعيد التّفكير في الماضي. الألم محدود.
تدقيق لغوي: ميّادة بوسيف.