بطاقة فنّية عن الكتاب:
العنوان: صلاة تشرنوبل.
الكاتب: سفيتلانا ألكساندروفنا ألكسييفتش.
دار النشر: طوى للثقافة والنشر والإعلام.
سنة النشر: 2016 (الطبعة الأولى).
عدد الصفحات: 408 صفحة.
عن الكاتب:
صحفية وكاتبة بيلاروسية ولدت في31 ماي 1948 في جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية في بلدة ستانسلاف، صحفية وكاتبة حازت على جائزة نوبل للآداب سنة 2015.
عن الكتاب:
صلاة تشرنوبل تاريخ مغفل لجيل صامت.
استهلت سفيتلانا أليكسيفيتش كتابها بوثائق تاريخية تتحدث عن كارثة تشرنوبل التي وقعت عام 1986 في أوكرانيا. قريبا من بيلاروسيا ‘موطن الكاتبة’ ضمن كيان الاتحاد السوفييتي سابقا. وقد حملت الوثائق مدى حجم الدّمار الذي خلفته الكارثة النووية على جميع المستويات: كالسياسية، والبيئية، وخاصة الإنسانية إذ طالت أكثر من مليوني مواطن. لتتسبب لاحقا في أمراض سرطانية واضطرابات نفسية خطيرة. والأكثر من ذلك تغييرات جينية غريبة.
استغرقت الصحفية البيلاروسية وقتا طويلا في كتابة عملها الذي جاء بصيغة المونولوج. بعدما التقت فئات عديدة من المجتمع البيلاروسي، وتحدثت إليهم كالموظفين السابقين في المحطة، العلماء والأطباء والجنود والنازحين والوافدين، ورؤساء الجمعيات وأساتذة وأكاديميين، وسكان المزارع والمناطق الحضرية، وأهالي الضحايا وكل من غير تشرنوبل حياته وشكل منه تصنيفا لم يسبق له مثيل: الإنسان التشرنوبلي.
انتحار جماعي، ثمن التضليل الشامل.
تتحدث سفيتلانا عن التضليل الذي مارسته السلطة عند حصول الكارثة والذي تلخص في عبارة رئيس بيلاروسيا آنذاك “الأمر تحت السيطرة”. يُردُّ عليه من موسكو “يا لهؤلاء الرفاق الرائعين في بيلاروسيا!”. بينما تمّت التضحية بالرجال الذين عملوا على درء آثار الكارثة، إذ ترِدُ قصة أحدهم على لسان زوجته التي احتارت في الحديث عن الموت أم الحب، عن الذكريات أم الفترة التي قضتها معه في المستشفى وهو يسير على الموت بطريقة فظيعة، أم عن وفاة ابنتها التي ولدت مشوهة أم عن حياتها التي افتقدت للأهمية بعد كل ذلك.
تطرقت الكاتبة أيضا إلى التعتيم الإعلامي الذي فرضته السلطة بحجة عدم إثارة الذعر وسط الناس، ثم تركتهم يتشبّعون بكميات هائلة من الإشعاعات التي غزت كل شيء وغلفت كل مكان، فأكل الناس مواد مشعة وحرثوا أرضا مشعة ولعب الأطفال في أماكن مشعة، ليصبحوا فيما بعد قنابل بشرية تعدي كل ما يلمسها لتكون نهاية الجميع على يد أمراض تطيل عذابهم قبل أن تتوفاهم.
موت لطيف، لدرجة أنه لا يرى!
عادة ما يكون وقع كلمة “كارثة” على الآذان وقعًا داميا، بفعل الطبيعة أو السلاح، ويخلف خسائر بشرية ومادية على الفور، لكنّ الأمر كان مختلفا بالنسبة لتشرنوبل لقد كانت كارثة صامتة لم تخلف جثثا تسبح في دمائها ولا منازل محطمة على رؤوس ساكنيها، بل خلّفت ما هو أخطر من ذلك، الإشعاعات التي ظهر انبعاثها الأول فوق فوهة المفاعل كمشهد سينمائي ساحر، شاهده الأطفال من الشرفات وقطع الكثيرون المسافات للاستمتاع بجماله.
وعندما عرف الناس بشأن انفجار المفاعل أراد الكثيرون الذهاب إلى تشرنوبل أو بالأحرى إلى الموت. هناك في رحلة ثمنها البحث عن المعنى، عن دور بطولي يجعل كل واحد منهم ذا أهمية في العالم الذي آمنوا به، الانتماء الحزبي وإلى الشيوعية.
لذلك لم تكن السلطة الملوم الوحيد عندما نزل الناس للاحتفال بعيد العمال كأن شيئا لم يحدث، لما أصرّ الكثيرون على الخدمة في التشرنوبل والتضحية بأنفسهم وبذاكرة أحبائهم وأهاليهم الذين فرض عليهم الصمت خلال السنوات الأولى ليصبحوا صناديق سوداء تحمل التاريخ المغفل “كما تسميه الكاتبة” إلى المستقبل الذي تغير بسرعة باختفاء الاتحاد السوفييتي. عندها تغيرت نظرت الذين اعتبروا الموت في سبيله البطولة وأدركوا أنها عبارات جوفاء تغذت عليها السلطة حتى اختنقت، وتلاشت معها كل الحملات الدعائية التي جعلتها تبدو مثالية في أعين الملايين.
اليوم تمر على تشرنوبل ثلاث وثلاثون سنة وقد كانت أحد أكبر كوارث القرن العشرين، رغم أنها لا تعني للملايين حول العالم سوى انفجار نووي حدث وانتهى. وهذا ما سعت الكاتبة لتوضيحه. بأنه أكبر من ذلك بكثير وفي هذا السياق تقول:
تدقيق لغوي: منال بوخزنة.