المقال تم نشره سابقا في العدد الثاني لمجلة النقطة الزرقاء.
يعود عنوان الفيلم إلى المصطلح الذي كان يطلق على الخادمين في المنازل وداخل الأسر أثناء ستينات القرن الماضي في الولايات المتحدة -The help-. وبالفعل يروي الفيلم المخرج من طرف المخرج والممثل الأمريكي Tate Taylor والمقتبس من رواية بنفس العنوان من تأليف الروائية الأمريكية Kathryn Stockett حياة كل من الخادمتين السوداويتين إيبيلين كلارك و ميني جاكسون وعلاقتهما بالصحفية التي تطمح للتأليف يوجيينا سكيتر أثناء حركة الحقوق المدنية سنة 1963.
في التمييز العرقي
تدور أحداث الفيلم في جاكسون (عاصمة ولاية ميسيسيبي)، وقد عرفت الولاية في فترة الستينات بوجود عدة منظمات تؤمن بتفوق العرق الأبيض من جميع النواحي. وهو ما يظهر جليا في هذا العمل الدرامي، حيث تعمل إيبيلين لدى إيلزابيث وترعى ابنتها “ماي موبلي” التي لا تحصل على أي رعاية من والدتها. بينما تعمل ميني جاكسون لدى السيدة والترز وابنتها هيلي التي تدعم فكرة تفوق العرق الأبيض.
تقوم هيلي بالترويج لفكرة تنصيب مراحيض خاصة بالسود داخل منازل البيض تحت الإدعاء بأنهم يحملون أمراضا مختلفة، وتقوم بتطبيق الفكرة جماعة هيلي بأكملها. وهو ما يبدو عبثا، فالسود يربون أطفالهم، ينظفون منازلهم، يطبخون لهم. لكن يجب عليهم استعمال مراحيض خاصة بهم خوفا من المرض.
في الدعم من طرف العرق الأبيض
تعود سكيتر ابنة العائلة المرموقة من جامعتها بطموح أن تصبح كاتبة وترى معاملة هيلي العنصرية نحو السود بصفة عامة والخادمات في المنازل بصفة خاصة، تقترح كتابة مجموعة قصص عن حياة السود داخل منازل البيض وتحصل على موافقة دار النشر لتناسب الموضوع مع حركة الحقوق المدنية التي قادها السود في الستينات.
من جهة أخرى، تتعرض ميني جاكسون للطرد من منزل السيدة والترز لاستعمالها مرحاض البيض أثناء هبوب عاصفة. لتجد بعدها عملا عند السيدة سيليا فوت التي تقدم لها صورة مختلفة تماما عن العرق الأبيض، حيث تصادقها وترعاها وتعاملها كإنسان من نفس مقامها.
تقدم في تلك الفترة سكيتر فكرة الكتاب للخادمتين ايبيلين -التي تعرض ابنها للقتل- وميني التي تعرضت للطرد بسبب أمر سخيف. وبعد شد مد توافقان على رواية قصصهما والأفعال العنصرية نحوها للعلن. كأول خطوة للحصول على حقوقهم كبشر. تحاول الاثنتان دعوة خادمات أخريات لكن الكل خائف في ولاية تفوح منها رائحة تفوق العرق الأبيض.
القطرة التي أفاضت الكأس:
تطلب يولي ماي -خادمة هيلي الجديدة- دفعا نقديا مقدما لإرسال ابنها للجامعة لكنها تتلقى الرفض. ينتهي الأمر بها معتقلة بسبب سرقتها خاتم السيدة هيلي وبيعه. يأتي بعدها نبأ اغتيال الناشط الأمريكي الأسود “مدغار إيفرز” بالقرب من منزله وأمام زوجته وأولاده في نفس الولاية لتدرك الخادمات أن الحديث عن العنصرية تجاههن هو أقل ما يمكن فعله من أجل الخروج من الوضع المزري. كلتا الحادثتين تدفعان الكثير من الخادمات لراوية قصصهن مما يجعل نشر الكتاب ممكنا.
تقرر ميني جاكسون في الأخير رواية قصة فاضحة حول هيلي -لكي تدعي هيلي أن الكتاب مجرد أكاذيب ولا تقدم أي شكوى نحوهن- ويتم نشر الكتاب وبيعه في أرجاء ميسيسيبي.
العمل مجملا:
من النادر أن تجد عملا دراميا يحتوي على تمثيل مبهر من طرف كل الممثلين الرئيسيين. خاصة الممثلة فيولا دافيس في دور إيبيلين كلارك. والكثير من المقاطع والتمثيلات الصارخة من طرف أوكتافيا سبنسر في دور ميني جاكسون. قد تجد الفيلم مضحكا وكوميديا في بعض مقاطعه، لكن هذا العمل لن يتوانى في تهشيم قلبك في لقطات أخرى. أين تجد البشر يخرجون أسوء ما فيهم دون أي شعور بالذنب فقط لحصولهم على الدعم من قطيعهم.
يوضح العمل أيضا مساهمة المرأة الأمريكية بغض النظر عن عرقها في دعم حركة الحقوق المدنية والتي أعادت للكثير من الأمريكيين السود حقوقهم و وفرت لهم العيش الكريم.