كانت ثورة الملاكمين “The Boxer Rebellion” انتفاضة مناهضة للأجانب في تشينغ بالصين، والتي استمرت من نوفمبر/ تشرين الثاني 1899 حتى سبتمبر/ أيلول 1901. ويُعرفُ الملاكمون -في الصينية- بأنهم “مجموعة القبضات الصالحة المتآلفة” والذين هم في الأصل قرويون ردّوا بحزمٍ على التأثير المتزايد للمبشرين والدبلوماسيين المسيحيين الأجانب في المملكة الوسطى، كما تعرف حركتهم باسم “ثورة الملاكمين” أو “حركة يوهيتوان”، و يوهيتوان تعني -حرفياً- المقاومة الشعبية الصالحة المتحدة.
كيف اندلعت؟
خلال القرن التاسع عشر، فرض الأمريكيون والأوروبيون أنفسهم ومعتقداتهم بتطفل متزايد على المواطنين الصينيين، وتحديداً في المنطقة الساحلية الشرقية، ولقرون طويلة كان الصينيون قد اعتبروا أنفسهم من رعايا المملكة الوسطى، مركز العالم المتحضر بأكمله. وعلى حين غَرة، حطّ الأجانب الهمجيون المتوحشون رحالهم مستهلِّين بجعل الصينيين يأتمرون بأمرهم في الوقت الذي بدت فيه الحكومة الصينية عاجزة عن وضع حد لهذه الإهانة الخطيرة. ولا شك أن خسارة الحكومة الصينية الفادحة في حروب الأفيون* ضد بريطانيا فتح الصين لمزيدٍ من الإهانات من قبل جميع القوى العالمية الغربية، وفي نهاية المطاف لحقت بهم اليابان، حليفتها السابقة.
بداية المقاومة
كرد فعل، عقد الصينيون العزم على أن ينظِّموا مقاومة مكوّنين بذلك حركة روحانية في فنون الدفاع عن النفس والتي شملت أسس صوفية أو سحرية مثل الاعتقاد بأن الملاكمين أنفسهم يمكن أن يكونوا محصّنين ضد الرصاص. ونشأ الاسم بالإنجليزية “Boxers” “الملاكمين” لعدم وجود كلمة تكافئ “martial artists” “فناني الدفاع عن النفس” في الإنجليزية، وبالتالي استُعمِل النظير الأقرب لها.
في البدايةِ تكتل الملاكمون على (حكومة تشينغ) والأجانب الآخرين الذين يجب إجلائهم من البلاد على حدٍ سواء، حيث أن سلالة (تشينغ) الحاكمة لم تكن عرقياً- من “الهان الصيني”(سلالة صينية قديمة لها تاريخ متصل وحضارة لأكثر من3000 عام وينحدر إليها معظم الصينيين) بل كانت من “المانتشو” (السلالة التي أنهت حكم الأولى، واسمها أيضاً سلالة تشينغ). وفي وسط تلقُّف وتهديد من الأجانب الغربيين من جهة، وجماهير “الهان الصيني” المهتاجين من الجهة الثانية.كانت الإمبراطورة الأرملة (سيتشي) وغيرها من قادة (حكومة تشينغ) في البداية غير متيقنين من كيفية الرد على الملاكمين. وفي نهاية المطاف قرروا بأن أولئك الأجانب قد خلقوا تهديداً جللاً؛ لذا توصَّلت (حكومة تشينغ) والملاكمين إلى اتفاق، وتم الأمر بأن تعزز بكين(الحكومة) الثوار بقوات الإمبراطورية.
بداية النهاية
ما بين نوفمبر عام 1899 وسبتمبر 1901 جعل الملاكمون الأراضي الصينية مقبرة لأكثر من 230 ألف أجنبي، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وحتى مئات الصينيين الذين يعتنقون المسيحية لاقوا حتفهم على يد من حولهم خلال موجة العنف. غير أن هذا حث قوات التحالف ذات الـ20 ألف كتيبة من اليابان والمملكة المتحدة وألمانيا وكذلك روسيا وفرنسا تتبعهم النمسا والولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا للزحف إلى بكين ورفع الحصار عن الأحياء الدبلوماسية الأجنبية في العاصمة الصينية. وبالتالي هزمت جيوش الأجانب جيش (حكومة تشينغ) والملاكمين وأرغموا الإمبراطورة (سيتشي) والإمبراطور على الفرار من العاصمة بكين مرتدين ثياب الفلاحين البسيطة. ورغم أن الحاكمين والمحكومين نجوا من هذا التهجُّم بشق الأنفس، إلا أن ثورة الملاكمين أشارت لبداية نهاية حكم (تشينغ). وفي غضون عشرِ أو أحد عشر سنة (من انتهاء ثورة الملاكمين) ستسقط السلالة الحاكمة، وتاريخ الإمبراطورية الصينية الذي يمتد ربما لأربعة آلاف سنة سيكون قد انتهى.
*حروب الأفيون : هي حربان، قامتا بين الصين الامبراطورية المحكومة انذاك من قبل سلالة تشينغ وبريطانيا. وفي الثانية، انضمت فرنسا إلى جانب بريطانيا. وكان السبب هو محاولة الصين الحد من زراعة الأفيون واستيراده، وقد ارتكبت بريطانيا وحلفائها في هذه الحروب مجازر وحشية.
[…] على الإمبراطور؛ أشعل مجموعة من الفلاحين ما عرف بـثورة الملاكمين ضد الغطرسة الأجنبية عام 1900 -والذين كانوا في الأساس […]