بطاقة فنية للكتاب:
عنوان الكتاب: ظلك في ليل الغابة شجرة
اسم الكاتب: عبد الرزاق بوكبة
دار النشر: دار بوهيما للنشر والتوزيع
سنة النشر: 2018
عدد الصفحات: 107
تصنيف: زجل
تصميم الغلاف: زبير فارس
عن الكاتب:
عبد الرزاق بوكبة، هو كاتب وشاعر وإعلامي من الجزائر. تعرف عليه أكثر بقراءة حوارنا معه هنا.
عن الكتاب:
الزجل هو فن ولون شعريّ، يكون باللغة المحكية/العامية/الدارجة، فهو من تلك الفنون التي تبرز العنصر الجماليّ وسعة المخيال في اللغة المحكية، وتخرجها من طابعها المبتذل والعفوي إلى أفق الخيال والبناء والدقة والتركيب الموسيقي والتفكير الانساني.
ظلك فليل الغابة شجرة (ظلك في ليل الغابة شجرة)، هذه العبارة: الصحيحة نحوا وتركيبا، المترابطة نطقا وموسيقة، والمتنافرة دلالة ومنطقا، هي عنوان هذه التجربة الزجلية المميّزة، التي “تتأسس…على التنافر الدلالي وقلب الأدوار منذ العنوان وصعودا، منتجة دهشتها الخاصة.”كما وصفها الأكاديمي المغربي محمد رمصيص. تجربة صارخة ومتعالية عن كل تصنيف كلاسيكي جامد، ففيها شيء من حوار، وصف، تفسير، غزل، تصوف، تناقض، تجاذب، تنافر… ولا يمكن نسبها إلا للون بوكبة الشعري الخاص.
انقسم هذا الديوان إلى قسمين، كل قسم أُتبع بملحق له. تتشارك القصائد في الخصائص وتختلف في الموسيقى والصور الفنية والقالب التشكيلي.
أبجدية مصلوبة.
افتتح الشاعر القسم الأول الذي عنونه ب: أبجدية مصلوبة، بنداء/إهداء/خطاب فصيح اللغة -مثل عنوانه- قائلا: إلى التي جننتني! يلي هذا الإهداء مقاطع زجلية بأحجام صغيرة “بحجم كف الطفل”، متوزعة فرادى على الصفحات، كتبت بالكلمات كما كتبت بالبياض، فالبياض عند بوكبة لغة الصمت وقلم المحو.
تميزت المقاطع في هذا القسم بقالب واحد، فعل ونتيجة، إذ جاءت كلها بصيغة: سكنت ف…رجعت (بالفصحى: سكنت في…أصبحت)، فيأتي الفعل برمزية تكون نتيجته علاقة مجازية، فهي أحيانا علاقة جزء بالكل (سكنت في مسرحيتك، أصبحت ممثلا – سكنت في كلمتك، أصبحت حرفا…)، وهي في أحيان أخرى علاقة عنصر ولازمته (سكنت في نهارك، أصبحت شمسا – سكنت في ربيعك أصبحت عصفورا …) ثم تأتي الأبيات بعد النتيجة لتشرح حال المتكلم وتصف مواجده ومشاعره، فهو كوكب يدور، أو حرف صعب القراءة، أو سؤال هارب من جوابه…
ألحق الزجّال هذا القسم بملحق طويل نوعا ما، قصيدة/مقاطع، تجمع الرمزيات المتضادة ( تتحرر/تسجن، الاتساع/الضيق، الخريف/الربيع…) تجمع الحقيقي بالخيالي مجازا، تجمع القريب بالبعيد تقاطعا، تجمع الحسي بالروحي لغة، والعناصر بلوازمها ضرورة. المقاطع تعلي من شأن الحبيب، وتتسامى في مدحه، وتقديسه وتقديس كل ما له علاقة به، أو يصله به، إلى درجة قوله مثلا: “مانبيعش تيليفون كلمتك بيه”(لن أبيع هاتفا كلمتك به”)!
أبجدية مقلوبة.
القسم الثاني من هذا الديوان، جاء بعنوان: أبجدية مقلوبة، بدأ أولا بمقلوب الإهداء الأول: إلى التي جننوها!
وفي هذا القسم جاءت المقاطع الشعرية مرقمة/مرتبة بحروف الأبجدية ترتيبا عكسيا، البطلة “هي” والموضوع “هي”، المجنونة، التي جننوها!
مقطع حرف الياء جاء أولا، وفارغا ينتهي بالألف، صورة تشكيلية معتادة في أعمال بوكبة، وجدناها في ديوانه الأول “من دسّ خف سيبويه في الرمل”. توالت الحروف بعد الياء، وتوالت معها جمالية اللغة، تغازل ضمير الـ”هي” تحكي عنها وتصفها، تتحدث بلسانها وتبرر لها، ولكن بمنطق خاص، متنافر ومقلوب، يقلب الخصائص واللوازم والأدوار. اختتم هذا القسم بملحق عبارة عن قصيدة أطول من سابقاتها، علّمت بمكان كتابتها: مسرح القوس (معسكر).
تركني هذا الديوان -على صغره- في فوضى دلالية ولغوية، وفي دهشة خاصة، كون ما أقرأ هو بلغتي الأم التي لم أعهد لها في مجتمعي استعمالات مماثلة (مكتوبة على وجه الخصوص) لأسلوب هذا الزجل، فإضافة إلى الخصائص التي ذكرناها فوق، من الجدير بالذكر أن اللغة المستعملة عصرية بامتياز، فتوظيف الكلمات من أصل أجنبي والمستعملة في اللغة المحكية كان حاضرا، توظيف كلمات وسائل العصر كان حاضرا، التعبيرات الدينية المتغلغلة في البنية الثقافية كانت حاضرة، الأساليب البيانية كانت حاضرة، والأهم روح الكاتب كانت حاضرة.