قصة آيا كيتو – فتاة يابانية تذرف لترًا من الدموع.
في عام 1977، تم تشخيص آيا كيتو البالغة من العمر 15 عامًا بمرض التنكس المخيخي الشوكي (المعروف أيضًا باسم الرنح النخاعي أو SCA). ما يميز قصتها هو كتابتُها عن تجاربها الشخصية وصراعاتها أثناء العيش مع المرض في مذكرتها اليومية، والتي تم نشرها قبل وفاتها بفترة وجيزة، الأمر الذي ألهم العديد من المرضى غيرها.
ما هو مرض التنكس المخيخي الشوكي (SCA)؟
مرض التنكس المخيخي النخاعي هو عبارة عن اضطراب وراثي تدريجي يتسم بتغيرات في الدماغ مرتبطة بالتحكم في الحركة (المخيخ)، وفي بعض الأحيان، تُلاحَظ تغيرات في الحبل الشوكي. للتنكس المخيخي أعراض مختلفة تشخِّص كل منها نوعا معينا من هذا المرض. قد يعاني المصابون بشكل عام من عديد المشاكل في التنسيق والتوازن والمشي غير المنسق كما كان هو الحال عند آيا التي أصبحت محصورة في الفراش غير قادرة على الوقوف أو المشي، بالإضافة إلى أعراض أخرى منها ضعف التنسيق بين اليد والعين ومشاكل في الرؤية والكلام غير الطبيعي، وهو ما حصل معها أيضا، إذ فقدت القدرة على الكلام.
لسوء الحظ، لا يوجد علاج لـهذا المرض، غير أنه بإمكان العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل المساعدة في تقوية العضلات، كما أن الأجهزة الخاصة كالكرسي المتحرك أو العكازات يمكن أن تساعد في الحركة و هناك أخصائيّي إعادة التأهيل الذين يمكنهم مساعدة المرضى لزيادة قدرتهم على الرعاية الذاتية وتأخير التدهور إلى حدٍّ معين.
من هي آيا كيتو؟
ولدت آيا كيتو عام 1962 في تويوهاشي بمحافظة آيتشي. كانت أكبرَ إخوتها الخمسة وكانت والدتُها شيوكا مستشارة صحية و والدها ميزونو صاحب متجر توفو، في سن الـ15 تم تشخيص حالتها المرضية بمرض التنكس المخيخي الشوكي. و بسبب مرضها اضطرت آيا إلى الاستقالة من نادي كرة السلة الذي كانت جزءًا منه، وبأخذه في التطور، حدّ من قدرتها على الوقوف والحفاظ على توازنها أو المشي وانتهى بها الحال محتجزة على كرسي متحرك وبسبب عدم قدرتها على التنقل في أنحاء المدرسة بسرعة كانت غالبًا ما تحضر متأخرة، وأعرب في هذا الأمر عديد المعلمين والزملاء عن إحباطهم وانزعاجهم فاقترحوا عليها تغيير المدرسة والانتقال إلى مدرسة متخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة.
لماذا اختارني هذا المرض؟ إذا كان فقط من أجل كلمة “القدر” فأنا لا أستطيع تحمله.
(مقتطف من يوميات آيا كيتو، بعنوان لتر من الدموع)
مع عدم وجود الكثير من الخيارات، انتقلت آيا الى مدرسة أخرى. لحسن الحظ، كانت عائلتها والمدرسون الجدد والأصدقاء معها في كل خطوة على الطريق وساعدوها على فهم حالتها بشكل أفضل. نصحتها والدتُها شيوكا بالاحتفاظ بمذكرات، كان الهدف منها في البداية هو الاحتفاظ بسجل للتغيّرات الجسدية التي مرت بها بسبب مرضها وكيف أثرت على حياتها اليومية. لكن مع مرور الوقت ومع تقدم مرضها، كانت مذكراتها وسيلة لتدوين صراعاتها العقلية ومواقفها تجاه المرض بالإضافة إلى مشاعرها وتجاربها الشخصية حول كيفية تأقلمها وتعاملها معه. استمرت آيا في الكتابة حتى لم تعد قادرة على إمساك القلم.
أنا حقًّا لا أريد أن أقول أشياء مثل “أريد أن أعود كما كانت الأمور من قبل”. أدرك كيف أنا الآن، وسأواصل العيش.
الرحلة الأخيرة:
في عام 1988، عن عمر يناهز 25 عامًا، توفيت آيا كيتو في المستشفى محاطة بأسرتها بعد صراع طويل مع مرضها دام 10 سنوات. في ذلك الوقت، لم تكن قادرة على الكلام أو المشي، لكنها ظلّت متفائلة بشأن الحياة على الرغم من شللها ولم تستسلم أبدًا بالبقاء قوية وظلت تبتسم كل يوم.
طوال معركتها مع مرضها، ظلت عائلة آيا إلى جانبها وخاصة والدتها، كونها الشخصية الأكثر تأثيرًا في حياتها ومصدر قوّتها الرئيسي.
لا تقلق، حتى لو سقطتِ! كلُّ شيء على ما يرام ويمكنك أن تلم نفسك مرة أخرى!
عندما تسقطين، استفيدي من فرصة مشاهدة السماء. سترين السماء الزرقاء تنتشر فوقك إلى ما لا نهاية وتبتسم.
آيا، أنت على قيد الحياة!
ميراث آيا:
نُشرت مذكرات آيا بعنوان لتر نو ناميدا (أو لتر من الدموع) لأول مرة في اليابان في عام 1986 قبل وفاتها بعامين. كانت والدتها شيوكا هي التي أقنعتها بنشر يومياتها كطريقة لجلب الأمل للمرضى الآخرين الذين يعانون أيضًا من توقف القلب المفاجئ والمرضى بشكل عام. حدث ذلك بعد أن طلبت المعلمة من المدرسة المتخصصة للمعاقين من آيا نشر يومياتها بعد أن تأثرت بشدة بها.
بيعت أكثر من 18 مليون نسخة من مذكراتها في ذلك الوقت، مما أعطى الشجاعة لملايين الأشخاص وألهمهم للعيش. إلى جانب ذلك تم عرض فيلم تلفزيوني أيضا يجسّد القصة، بعنوان: “لتر من الدموع” بالإضافة إلى مسلسل تلفزيوني بنفس العنوان، كلاهما يستند إلى اليوميات.
هنا رابط لفيديو قصير من مسلسل تلفزيوني مبني على قصة آية كيتو.
أضع يدي على صدري، أستطيع أن أشعر بقلبي ينبض، ها هو ذا قلبي يعمل إذا أنا مسرورة كوني ما زلت حية.
بعد أن صادفتُ قصة آيا كيتو، أصبحت ملهمة بشكل لا يصدق.كانت ناجية وبطلة حقيقية، لم تفقد الأمل ولم تفقد إرادتها تجاه الحياة على الرغم من صراعها مع مرض التنكس المخيخي الشوكي وحققت رغبتها في مساعدة الآخرين، من خلال نشر يومياتها التي أعطت الشجاعة لملايين البشر ممن يعانون. في الواقع جعلتني أدرك أن الحياة كانت حقًّا هدية تريد أن تعتز بها.
بوصول آيا إلى هذا الإدراك، توصلت إلى استنتاج مفاده أننا غالبًا ما نقلل من حجم الحياة المهداة لنا ونقوض حقيقة أن عيش حياة صحية قد يكون حلماً بعيد المنال بالنسبة لبعض الناس. بالنسبة لآيا، كانت الحياة التي يمكنها التحرك فيها بحرية أو الركض أو لعب كرة السلة حلمًا، سرابًا، لم تصل إليه أبدًا بعد سن 15 عامًا.