قُبَيل تِلك اللحظات، وما بُهِج بين الماضي والحاضر، عولمة من السّنين كان قطوفها الخيفة والرهبة من تقدُّمي المُستمر؛ ظنا مني على أكنّة الضعف وقشور الفخر بمعجمي الثقافي المحدود، ولا خجل لإسقاط كياني على أنني مازلت لا أستطيع أن أعرب جُملة نحوية صغيرة كموافاة طالب يبتدئ لشيء من التطلُع لبذور اللغة، فضلاً عن امتثالي المعدوم لِما يُسمي بقواعد الكتابة.
وما كانت فسيلة الأعوام هدراً بلا نفع، بل مزيجاً يرضى لمقام حمد، حتى وُجّهتُ من سواعِد الأعراف على إحالة قلمي للتقاعد؛ لكوني غشيم وغير مُطعّم بعلمٍ ضليع يأذن لي ببراح الجُمل المُنسِّقة لحبال الجمال اللفظي أو القبول العيني لها، لكنني تجمهرت عن منطلق الأقاويل، مُتسلحاً باب جهل سيأذن له تقدير وفير.
فائت أيام بلا خُضر أو نمو يُذكر، وتلاها سقوط يُنحر، وكدتُ أباهي بزعم أنني جاهل، في ظِل استمرار البعض الذي يراني حُثالة مآله التبخُر بعد ميقات قصير!
ما فرغت عن القول بأنني أهل بالكفؤ لدى اجتماعات سرية كان ضيفها نفسي وخيالي الحالِم ببراهين المُمارسة مع استماعي لألسنة البعض بأنني سأُحدِث فتنة سيُلقى لها سُعار حيوي يُساعِد لخمود نجوم الليل.
الواحِد بعد المئة مكثت أري ما خلفته من صفحات، وما نتج سوي مئة من الهراء وصفحة واحِدة تحمل معها السعي للشراء، من جملة موضوعية ينهال عليها محاسِن المعذّبِين لي بإرشادات ثكلي على عقلي بالغموض، وما نتج عن حملتي خلال وكر صدر صفحتها العذب بالفراغ سوي أنني أريد أن أكتب؛ كي أستطيع أن أبحر العالم بجهلي، وأغرقه في مُستهل شواطئي سيئة السُمعة في مناخ التذوق الأدبي الذي أحرض ضده.
وعلى الفور وجدت الدعم المعنوي المُساند بإقرار من داخِلي بأنني سأبهر جهابذة الفكر والصُحاح المُدعين بقريحة عِلم وشأن يُذكر، مُنافسة مني على مسيرتهم الطويلة للإعداد في كهوف السنين حتى اتخاذ الرغبة للبدء في الكتابة. والبعض منهم لم يُعلن بعد حتى اللحظة.
فلا أدري إن كان العقل قد طرأ عليه تغيُرات نابغة أو فواسيح فهم بعد غور آلاف الصفحات في ميدان اللا وعي، أو كان قد فاحت خلاياه من حرائق ضرائب العلم والمطالعة المستفيضة لحيازة تداعيات الكتابة. وأدري أن المنافسة محسوم أمرها، لكني كَويتُ جرح الجهل كي يلتئم بالعمل والاستمرار؛ فجاد عليّ بإفرازات إبداعية لم أكن أنقب عنها بداخِلي الهش الذي ابتذله الآخرون بكذبٍ وشراء آلي نحو الإحباط.
لم يكُن الأمر فُكاهي اللحظة، بل كان عرضاً مني لإيجاد نظر مفصلي نحو امرئٍ مضروبٍ في عقله. وحسم النزاع كان من قِبلي في أنني أحببت الكتابة في ظِل آخرين مازالوا يبحثون عن معني لإيجاد الحُب فيها، وكما يُقال: “لا تسأل محِبّاً لماذا أحببت“، وكان هذا نخبي طويل الأمد!
تدقيق لغوي: آية الشاعر