هل تخيلت يومًا كمّ الجهدِ المطلوب لكتابة عمل أدبي يرقى لأن يسمى “تحفة فنية”؟ أو هل تخيلتَ كُتابَّ تلك الأعمالِ يومَ ردة فعل القراء تجاه كتاباتهم؟
في الواقعِ هناك عدة عوامل تؤدي لخلق كاتبٍ ناجح، وهؤلاء الكتّاب كثرٌ لدرجةِ أنهُ لا يمكن حصرهم وعدّهم، وبعض الكتّاب يعتمدون اعتمادًا كليًا على موهبتهم الخالصة التي تسمح لهم بكتابة كتبٍ رائعة. وبعضُ الكتّابِ الآخرين يعتمدون على العمل الجادّ وحده وكتابة عملٍ تلو الآخر وصفحةٍ تلو الأخرى مؤمنين بأنّ هذا سيوصلهم يومًا إلى الكمال والاحترافية.
وكما أن هناك مجالًا للموهبة والحظّ، فالعمل الجادّ له النصيبُ الأكبر من النجاح، ورغم ذلك فبعض الكتّابِ لا يتوقّعون إقبالًا كبيرًا على كتبهم ومن ثمَّ يجدون إقبالًا منقطع النظير.
وعندما يحقّق هؤلاء الكتّابُ هذا النجاحَ المنقطع النظير يبدأون في السّعي لتحقيقه مجددًا فيبدأون بتحديد واختيار الطّقوس التي يرون أنها ساعدتهم في الوصول لهذا المستوى الاحترافي، ثم تبدأ هذه الطقوس في التحوّل لعاداتٍ يواظب عليها الكتّابُ كُلْمَا كتبوا، وإن لكل كاتبٍ عاداتٍ خاصةً بهِ، وبعض هذه العادات غريبةٌ جدًا، وها هنا عشر كُتَابٍ -من أشهر الكُتَاب- كانت لهم عاداتٌ أقل ما يقالُ عنها أنها غريبة.
1- جيمس جويس : James Joyce
كان جيمس جويس يفضّل الكتابة أثناء استلقائه على الأرض ممدًا على معدته، وكان يقوم باستخدام أقلامٍ زرقاءَ كبيرة للكتابة مرتديًا معطفًا أبيض اللون!
وعلى الرغم من ذلك فلم تكن هذه العادات نتيجة حبّه في الغرابة وإنما كانت بسبب ضعف نظره، فالأقلام الكبيرة كانت تسمح له برؤية ما يكتُب، وأما المعطف الأبيض فكان يعكس الضوء على الورق حتى يرى بشكل أوضح.
2- أونوريه دي بلزاك : Honorè de Balzac
هناك الكثير من الكُتْاب حول العالم يشربون القهوة ويدمنونها، ليسوا هم فقط، بل العديد من البشر حول العالم يشربون القهوة كل يوم طوال عمرهم؛ ولكن هل هناك إنسان يمكنه أن يشرب من أربعين إلى خمسين كوب قهوة يوميًا؟!
هذا هو بالضبط ما كان أونوريه يفعله، كان يشرب من الأربعين إلى الخمسين كوب قهوة يوميًا، وكان يستيقظ كل يوم عند الواحدة صباحًا ليبدأ في شرب القهوة والكتابة المتواصلة لمدة اثنى عشر ساعة، وقد كتب قرابة الواحد والتسعين رواية ومائة وسبعة وثلاثين قصة؛ ويبقى السؤال الذي أطرحه على نفسي هل يمكن للقهوة أن تكون هي السبب في هذا الإنتاج الغزير أم ماذا؟
3- فريدريك شيلر : Friedrich Schiller
كان فريدريك يمتلك عادة أغرب من كل العادات التي ذُكرت في هذا المقال، فقد كان يقوم بوضع التفاح الفاسد في دُرج مكتبه وتناوله كل يومٍ أثناء الكتابة إيمانًا منه بأن تناوله للتفاح الفاسد يساعده علي الكتابة ويمنحه الإلهام!
4- فكتور هوجو : Victor Hugo
فكتور هوجو الغني عن التعريف صاحب رواية “البؤساء” التي أبكت عيون الكثير من القراء حول العالم، لم يكن كاتبًا ذا طريقة عادية، بل تعد عادة فكتور هوجو هذه أغرب عادة قد تقرأ عنها في حياتك، فقد كان فكتور هوجو يخلع كل ملابسه، ويأمر الخادم بأن يخبأها حتى لا يتمكن من الخروج من المنزل والالتزام بالكتابة، وعندما بدأ فكتور هوجو في كتابة روايته الشهيرة (أحدب نوتردام) في عام ١٨٣٠م، والتي حدد أن ينهيها في غضون عامٍ واحد أي في عام ١٨٣١ م، وحتى يتمكن من إنهاءها بالموعد المحدد، قام بشراء برميل كبير من الحبر وقام بحبس نفسه في الغرفة ولم يخرج منها حتى أنهى كتابة روايته.
5- ألكسندر دوماس : Alexandre Dumas
كان لدى دوماس هوس متعلقٌ بألوان الورق! فكان يستعمل الورق الأزرق لكتابة الروايات، أما الشّعر فكان يستعمل الورق الأصفر في كتابته، وأما المقالات فكان يستعمل الورق الوردي لكتابتها.
وفي إحدى المرّات نفد الورق الأزرق فاضطر إلى استعمال دفتر أبيض اللون مما أثر سلبًا على أسلوبه في الكتابة، وهذه الطريقة كان يستعملها دائمًا، فمن ذا يتخيل أن روايات رائعة كالكونت دي مونت كريستو والفرسان الثلاثة كُتِبتْ علي ورقٍ أزرق؟
6- جاين أوستن : Jane Austen
جين أوستين كانت واحدة من الكاتبات اللواتي يمنحن إهتمامًا كبيرًا لأبطال رواياتها، فقد كانت تُعنى بهم لدرجة أنها تتخيل حياتهم المستقبلية بعد إنتهاء روايتها وكأنهم أشخاص حقيقيون لا مجرد أبطال رواية من وحي خيالها هي!
وقد كتب ابن أخيها – چيمس ادوراد اوستين ليه – في كتاب ” A memoir of Jane Austen” بأنها كانت تجيب في حال لو سُئلت عن أبطال روايتها بأدق التفاصيل الصغيرة عن حياتهم المستقبلية.
7- آرنست همنجواي : Ernest Hemingway
آرنست همنجواي كاتب الرواية الشهيرة “العجوز والبحر” كانت له أيضًا عادات غريبة حيث كان يلزم نفسه بكتابة 500 كلمة يوميًا وكان يكتب دائمًا في الصباح الباكر والمساء متجنبًا فترة الظهيرة الحارّة، وكان من عادته أن يكتب أولًا بقلم الرصاص على الورق، ثم نصوصه ويكتبها على آلة الطباعة واقفًا علي قدميه لساعاتٍ دون أن يجلس.
8- فلاديمير نابوكوف : Vladimir Nabokov
كان فلاديمير نابوكوف الكاتب الروسي الأمريكي ذو الرواية الشهيرة “لوليتا” والعديد من الرّوايات الشهيرة الأخرى، يستعمل بطاقات الفهرست في كتابة جميع رواياته، حيث كان يضع البطاقات في صناديق رفيعة وطويلة لتمكنه من تغيير ترتيبهم حسب رغبته، حيث كان يكتب مشاهد رواياته بطريقة غير مسلسلة على البطاقات أولًا ثم يرتب البطاقات في الصناديق كيفما شاء حتى تترتب أحداث الرواية؛ كما أنه كان يحتفظ دائمًا ببطاقات أسفل وسادته حتى يدوّن أي فكرة ومشهد يطرأ على باله في الليل أو أثناء نومه.
9- أنتوني برجس : Anthony burgess
كان لدى أنتوني برجس مؤلف رواية “برتقالة آلية” طريقة جد غريبة للتغلب على النصوص المملة ولجعلها أكثر إثارة في الكتابة – في نظره – وكان إذا أضطر لكتابة تفاصيل وأوصاف لأي شيء في رواياته يقوم بتناول معجمه وفتحه على أي صفحة عشوائية ويستخدم كلمات تلك الصفحة في كتابة تفاصيل رواياته .
10- دان براون : Dan Brown
يعتقد دان براون الكاتب الأمريكي صاحب الرواية المشهورة “شفرة دافنشي” أن التعلُّق بشكل عكسي من قدميه كالخفاش يمكنه من الإسترخاء والتركيز أكثر في كتاباته، وكلما زادت عدد المرات التي يقوم فيها بفعل ذلك زاد إلهامه وتركيزه.
وعادة أخرى يقوم بها دان براون وهي إبقاء ساعة رملية على مكتبته فكل ساعة تمر يترك بعدها الكتابة ليمارس بعض تمارين الضغط والتلين إعتقادًا منه بأنها تساعده على تجديد طاقته ونشاطه للكتابة.
ليس هؤلاء العشرُ كتاب الوحيدون الذين يمتلكون عاداتٍ غريبة بل إن هناك آلاف من الكتاب الآخرين لديهم عاداتٌ غريبة، ولأن الإلهام والإبداع ليسا شيئًا عاديًا فهما يتطلبان عادات غريبة أحيانًا حتى تظهرهما!
المصدر: هنا
Image by Pexels from Pixabay
تدقيق لغوي: قابة سليم.