كان التدفُق الإنتاجي بقراءة شهرية لايُنبئ عن استلقام العقل لكتبٍ محدودة الأعداد، مما كانت هُناك نزعة من نقاش النفس والبحث عن سبيل لاستيطال هذا العدد لاثني عشر كتاباً على أرجُح الطبيعة كإنسان يُدعى بقارئ مُتواضِع الحال. ومن بعد إيضاح العقل لسُبل تفسير ذلك النمو المتأرجِح لالتهام الحروف قد تبيَّنَت العين أن الكلمات غير محدودة المعاني.
وما كان هذا إلا إيقاف لقطر الوصال، فقد استرجعت قراءة كُل ماشاهدته الأعين الحصيفة كرجعة جُزافية من كاتِب يُعيد كتابة ما أنتجه من ألوف الكلمات. فكانت رحلة التباطؤ عودة للوعي الدائم، الذى تمهل لصنعة الجُمل بعد توظيف من الكلمات، فما مِن كاتب إلا إنّه يضع درجةً من القاعِدة يبني عليها مراحِل قواعِد الهرم المَثُول للفكرة المرجوة لعلامة خالدة تجاوِر خوالد درجات القواعِد الأخرى الذى بناها كُتّاباً آخرون.
فما وجدُت إلا إعادة تدوير من الكلمات، بمعالجة ذِهن يوظفها للمعني المنشود، وهذا عموماً يندرج له الأفراد الرابحون لصفتي الكُتاب والأدباء كافة. وما على القاريء إلا أن يميز بين الضعيف منها والمستقوي بترحيب صُنع من مُنتج غير مألوف الحال.
ومن خلال عملية الرّجعة من القراءة مُجدداً، كانت تستقبلنا مدارك أخرى من المعاني لم نكُن نألفها فى رهينة اللحظة الأولي، وهذا من إبداع جهابذة الفِكر فى التفاني للمعني الغير محدود، فليس لهم قاموس واحِد نسترجع له لمؤالفة العين للإمساك بالمعني المنوط للسياق، فكان الهدف من كتابتهم حواصِل العين للعوالِم الخفية ببُعدٍ من المراقبة للاستيطان.
وهذا التباطؤ فى القراءة قد رافقه سِحر الشعور الذى لازم مدوِن هذه الحروف، فى إدراك دمعته وفرحته من رهينة الإنتاج. حتى بدأت أستشرِق أن العام الآنف فى محصول قراءته ينبغي أن أعتز به دون خجل من قِلة أكل أعداد الكُتب والمُجلدات.
أنظُر الآن لكُتبي الزاخِم بعضها فوق بعض، كي أسألها سؤالاً جديراً بمناقشته: هل تعتكفين عن سبيل لإيضاح مُيسر، أم أن بين مُبتدئ صفحاتِك رحلة استكشافية للعثور على المعنى الشاق؟!
وما بين سُبل التيسير، ورحلة العثور على المعنى الشاق ما بين بُعد المشرق والمغرب، فالأخير يحمِل معه ترحالاً من الوجود، غير الأول الذى يحمِل معه نظر أوّلي دون إلحاق لأنظار أخرى. وما كان هُنا إلا إيضاح من عدسة نحو منظور آخر لقراءة لم يعلم عنها كثيرون.
إعداد: محمد علي.
تدقيق لغوي: آية الشاعر.